للاستهزاء والسخرية، فقال: ﴿وَقَالُوا﴾؛ أي: وقال (١) المشركون العابدون للملائكة: ﴿لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ﴾ عدم عبادتنا للملائكة مشيئة ارتضاء ﴿مَا عَبَدْنَاهُمْ﴾؛ أي: ما عبدنا الملائكة، أرادوا بذلك أن ما فعلوه حق مرضي عنده تعالى، وأنهم إنما يفعلونه بمشيئة الله تعالى، لا الاعتذار من ارتكاب ما ارتكبوه، بأنه بمشيئة الله إياه منهم، مع اعترافهم بقبحه، ومبنى كلامهم الباطل على مقدمتين:
إحداهما: أن عبادتهم لهم بمشيئة الله تعالى.
والثانية: أن ذلك مستلزم لكونها مرضية عنده تعالى، ولقد أخطؤوا في الثانية. حيث جهلوا أن المشيئة عبارة عن ترجيح بعض الممكنات على بعض كائنًا ما كان، من غير اعتبار الرضى والسخط في شيء من الطرفين.
والمعنى (٢): أي وقال عباد الملائكة: لو أراد الله تعالى عدم عبادتنا للملائكة ما عبدناهم، فإنه قادر على أن يحول بيننا وبين عبادة هذه الأصنام، التي هي على صورة الملائكة التي هي بنات الله، فإنه عالم بذلك، وهو قد أقرنا عليه، فنحن لا نؤاخذ بذلك، إذ هو وفق مشيئته تعالى، ويريدون بذلك القول أن الله راض بعبادتهم للأصنام، وهو احتجاج بالقدر، وكلمة حق يراد بها باطل، لأن المشيئة لا تستلزم الأمر إذ هي بترجيح بعض الممكنات على بعض بحسب... ؟ والله يأمر بالخير والإيمان ونحن لا نعلم مشيئته أو إرادته إلا بعد وقوع الفعل منا، وقد جمعوا في هذا القول أفانين من الكفر وضروبًا من الترهات والأباطيل ذكره ابن كثير ومنها:
١ - أنهم جعلوا لله ولدًا، تقدس سبحانه وتعالى عن ذلك.
٢ - دعواهم أنه اصطفى البنات على البنين، إذ جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا.
٣ - عبادتهم لهم بلا دليل ولا برهان، ولا إذن من الله عز وجل، بل بالرأي
(٢) المراغي.