يقول الفقير: إسناد المشيئة إلى الله إيمان وتوحيد، إن صدر من المؤمن، وإلا فكفر وشرك؛ لأنه من العناد والعصبية والجهل بحقيقة الأمر فلا يعتبر.
٢١ - وبعد أن بين بطلان قولهم بالعقل، أتبعه ببطلانه بالنقل، فقال: ﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ﴾ أم منقطعة، تقدر ببل الإضرابية وبهمزة الاستفهام الإنكاري؛ أي: بل أأعطيناهم ﴿كِتَابًا﴾ ينطق بصحة ما يدعونه من عبادة غير الله، وكون الملائكة بناته ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾؛ أي: من قبل القرآن، أو من قبل الرسول - ﷺ - أو من قبل ادعائهم هذه الدعوى ﴿فَهُمْ بِهِ﴾؛ أي: بذلك الكتاب المعطى لهم ﴿مُسْتَمْسِكُونَ﴾؛ أي: متمسكون آخذون عاملون به، وعليه معولون.
والمعنى (١): أي بل أأعطيناهم كتابًا من قبل هذا القرآن ينطق بصحة ما يدّعون مكتوبًا فيه اعبدوا غير الله فهم بذلك الكتاب متمسكون وعليه معولون؛ أي: وليس الأمر كذلك.
٢٢ - والخلاصة: أنه لا كتاب لهم، ولما بين أنهم لا حجة لهم على ذلك من عقل ولا نقل.. ذكر أن الحامل لهم على ما جنحوا إليه إنما هو التقليد، فقال: ﴿بَلْ قَالُوا﴾؛ أي: بل لا حجة لهم يتمسكون بها، لا من حيث العيان ولا من حيث العقل ولا من حيث السمع إلا قولهم: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا﴾ وأسلافنا ﴿عَلَى أُمَّةٍ﴾؛ أي: على دين وطريقة ساروا عليها في عبادتهم الأصنام فقلدناهم ﴿وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ﴾ ورأيهم؛ أي: على دينهم وطريقتهم ﴿مُهْتَدُونَ﴾؛ أي: سائرون سالكون، و ﴿مهتدون﴾ خبر ﴿إنا﴾ والظرف صلة له، قدم عليه للاختصاص واستعمل بعلى لتضمنه معنى الثبوت؛ أي: ثابتون مستمرون على طريقتهم، وهذا اعتراف صريح منهم بأنه ليس لهم مستند ولا حجة.
والمعنى: أي ليس لهم مستند على ما هم فيه من الشرك سوى تقليد الآباء والأجداد، وقد قالوا: إنهم أرجج منا أحلامًا وأصح أفهامًا ونحن سائرون على طريقتهم وسالكون نهجهم ولم نأت بشيء من عند أنفسنا ولم نغلط في الاتباع

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon