من تقدم آثاره. ﴿مُهْتَدُونَ﴾ جمع مهتد، أصله: مهتديون استثقلت الحركة على الياء، فحذفت فلما سكنت حذفت لالتقاء الساكنين، وضمت الدال لمناسبة الواو. ﴿إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا﴾ جمع مترف اسم مفعول. وفي "القاموس": وترف كفرح، تنعم، وأترفته النعمة أطغته، أو نعمته كترفته تتريفًا، والمترف كمكرم، المتروك، يصنع ما يشاء فلا يمنع، والمتنعم لا يمتنع من تنعمه، انتهى. ﴿مُقْتَدُونَ﴾ جمع مقتد، أصله: مقتديون استثقلت الضمة على الياء فحذفت، فلما سكنت حذفت لالتقاء الساكنين، وضمت الدال لمناسبة الواو، ومعناه: سالكون طريقتهم.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: فن التناسب في قوله: ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ الآية، فقد أقسم سبحانه بالقرآن، وإنما يقسم بعظيم، ثم جعل المقسم عليه تعظيم القرآن، بأنه قرآن عربي، مرجو له أن يعقل به العالمون، فكان جواب القسم مصصحًا للقسم، وتم التناسب بين القسم والمقسم به؛ لأنهما من واد واحد.
ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: ﴿فِي أُمِّ الْكِتَابِ﴾؛ لأن لفظ الأم حقيقة في الأنثى الوالدة، فاستعار للوح المحفوظ، بجامع الأصالة في كل.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾؛ لأنه استعار كلمة ﴿لعل﴾ الموضوعة للترجي، والتوقع لمعنى كي، وهو التعليل لكون حقيقة الترجي والتوقع ممتنعةً في حقه تعالى، لكونها مختصةً بمن لا يعلم عواقب الأمور.
ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: ﴿أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ﴾ شبه حال الذكر وتنحيته، بحال غرائب الإبل وذود هاشم، استعمل ما كان مستعملًا في تلك القصة هاهنا، بجامع التنحية والإبعاد في كل.