ومنها: حكاية حال ماضية في قوله: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ﴾؛ لأن ﴿ما﴾ إنما تدخل على مضارع في معنى الحال، أو على ماض قريب منها.
ومنها: التشبيه البليغ في قوله: ﴿جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا﴾؛ أي: كالمهد والفراش، حذفت من الأداة، ووجه الشبه فأصبح بليغًا.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: ﴿فَأَنْشَرْنَا﴾؛ لأن الإنشار حقيقة في إحياء الصيت وبعثه، فاستعاره لإنبات الأرض فاستعير الإنشار بمعنى إحياء الأموات لإنبات الأرض، فاشتق منه أنشرنا، بمعنى: أنبتنا على طريقة الاستعارة التبعية.
ومنها: الالتفات من الغيبة إلى التكلم، حيث عبر بنون العظمة، لإظهار كمال العناية بأمر الإحياء، والإشعار بعظم خطره.
ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: ﴿بَلْدَةً مَيْتًا﴾ حيث استعار الميت، الذي هو حقيقة فيمن خرجت روحه، للمكان الخالي من النبات.
ومنها: التعبير عن إخراج النبات بالإنشار، الذي هو إحياء الموتى حيث قال: ﴿فَأَنْشَرْنَا بِهِ﴾، وعن إحياء الموتى بالإخراج حيث قال: ﴿كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ تفخيمًا لشأن الإنبات، وتهوينًا لأمر البعث، لتقويم سند الاستدلال، وتوضيح منهاج القياس.
ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: ﴿خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ فقد حذف الموصوف، وهو الله تعالى، وأقام صفاته مقامه؛ لأن الكلام مجزأ، فبعضه من قولهم، وبعضه من قول الله تعالى، فالذي هو من قولهم: خلقهن، وما بعده، هو من قول الله تعالى، وأصل الكلام أنهم قالوا: خلقهن الله، بدلالة قوله في آية أخرى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ ثم لما قالوا: خلقهن الله، وصف الله تعالى ذاته بهذه الصفات، وأقيمت مقام الموصوف، كأنه كلام واحد، ونظير هذا أن تقول للوجل: من أكرمك من القوم؟ فيقول: أكرمني زيد، فتقول: أنت، واصفًا له، الكريم الجواد المفضال الذي من صفته كذا وكذا.