الأصنام وبغض عبادتها جاء على لسان كل نبي، فمحمد - ﷺ - ليس بدعًا من بينهم في الإنكار عليها، حتى يعارض ويبغض.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما بين أن كفار قريش طعنوا في نبوة محمد - ﷺ -، لكونه فقيرًا عدم المال والجاه.. بين هنا أن موسى بعد أن أورد المعجزات الباهرة، أورد فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش، فقال: إني غني كثير المال، عظيم الجاه، فلي ملك مصر، وهذه الأنهار تجري تحتي، وموسى فقير مهين، وليس له بيان ولا لسان، وهذا شبيه بما قاله كفار قريش، وأيضًا فإنه لما قال ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا﴾ ذكر هنا قصة موسى وعيسى عليهما السلام، وهما أكثر الأنبياء أتباعًا، وقد جاءا بالتوحيد، ولم يكن فيما جاءا به، إباحة اتخاذ آلهة من دون الله تعالى.
ثم ذكر سبحانه أن فرعون قال: هلا ألقي إلى موسى مقاليد الملك، فطوق بسوار من ذهب إن كان صادقًا، زعمًا منه أن الرياسة من لوازم الرسالة، أو جاء معه جمع من الملائكة يعينونه على من خالفه، وأعقب هذا، بأن ذكر أنه حين دعا قومه إلى تكذيب موسى في دعواه الرسالة، أطاعوه لضلالهم وغوايتهم، ولما لم تجد فيهم المواعظ غضبنا وانتقمنا منهم، وجعلناهم قدوةً للكافرين، وضربنا بهم الأمثال للناس ليكونوا عبرةً لهم.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ...﴾ الآيتين، سبب نزولهما (١): ما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس: أن العرب قالوا: وإذا كان النبي بشرًا، فغير محمد - ﷺ - أحق بالرسالة، حيث قالوا: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ﴾ يكون أشرف من محمد - ﷺ -، يعنون: الوليد بن المغيرة من مكة، وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف، فأنزل الله ردا عليهم: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ