رَحْمَتَ رَبِّكَ} يعني النبوة، فيضعونها حيث شاؤوا.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية (١): ما أخرجه ابن أبي حاتم عن محمد بن عثمان المخزومي: أن قريشًا قالت: قيضوا لكل رجل من أصحاب محمد - ﷺ - رجلًا يأخذه، فقيضوا لأبي بكر الصديق طلحة بن عبيد الله، فأتاه وهو في القوم، فقال أبو بكر: إلام تدعوني، قال: أدعوك إلى عبادة اللات والعزى، قال أبو بكر: وما اللات؟ قال: ربنا، قال: وما العزى؟ قال: بنات الله، قال أبو بكر: فمن أمهم فسكت طلحة فلم يجبه، فقال طلحة لأصحابه: أجيبوا الرجل، فسكت القوم، فقال طلحة: قم يا أبا بكر أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، فأنزل الله سبحانه هذه الآية: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا...﴾ الآية.
قوله تعالى: ﴿أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ...﴾ سبب نزولها: ما رُوي: أنه كان رسول الله - ﷺ - يتعب نفسه في دعاء قومه، وهم لا يزيدون إلا غيًّا، فنزلت الآية ﴿أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ...﴾ الآية.
التفسير وأوجه القراءة
٢٦ - ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ﴾؛ أي: واذكر يا محمد لقومك قريش، وقت قول إبراهيم عليه السلام، بعد الخروج من النار ﴿لِأَبِيهِ﴾ تارخ الشهير بآزر، وكان ينحت الأصنام ﴿وَقَوْمِهِ﴾ المنْكَبِّين على التقليد وعبادة الأصنام، كيف تبرأ مما هم فيه بقوله: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ وتمسك بالبرهان ليسلكوا مسلك الاستدلال، أو ليقتدوا به إن لم يكن لهم بد من التقليد، فإنه أشرف آبائهم، وبراء مصدر بمعنى اسم الفاعل؛ أي: بريء، كما سيأتي في مبحث التصريف.
والمعنى (٢): أني بريء من عبادتكم لغير الله، إن كانت ما مصدرية، أو من
(٢) روح البيان.