فيه من الغفلة، ويرشدهم إلى التوحيد، ازدادوا كفرًا وعتوا، وضموا إلى كفرهم السابق معاندة الحق، والاستهانة به حيث ﴿قَالُوا هَذَا﴾ الحق والقرآن ﴿سِحْرٌ﴾ وهو (١) إراءة الباطل في صورة الحق؛ أي: هذا القرآن كلام باطل، ليس من عند الله تعالى: ﴿وَإِنَّا بِهِ﴾؛ أي: يكون هذا القرآن من عند الله تعالى ﴿كَافِرُونَ﴾؛ أي: جاحدون منكرون، فسموا القرآن سحرًا وكفروا به واستحقروا رسول الله - ﷺ -.
والمعنى (٢): أي وحينما جاءهم القرآن والرسول المؤيد بالمعجزات دليلًا على صدقه، وصفوا ما جاء به بأنه سحر وأباطيل، وليس بوحي من عند الله تعالى، وقالوا: إنا بما أرسل به جاحدون، مكابرةً وعنادًا وحسدًا وبغيًا، فضموا إلى شركهم وضلالهم تكذيب الحق ورفضه والاستهزاء به، والتصريح بالكفر برسالته وإنكار نبوته.
٣١ - ثم ذكر فنًا آخر من أفانين كفرهم فقال: ﴿وَقَالُوا﴾؛ أي: وقال كفار مكة ﴿لَوْلَا﴾ حرف تحضيف؛ أي: هلا ﴿نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ﴾ إن كان حقًا من عند الله تعالى ﴿عَلَى رَجُلٍ مِنَ﴾ إحدى ﴿الْقَرْيَتَيْنِ﴾ مكة والطائف ﴿عَظِيمٍ﴾ ذلك الرجل بالمال والجاه، كالوليد بن المغيرة بمكة، وعروة بن مسعود الثقفي بالطائف، فهو على نهج قوله تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (٢٢)﴾؛ أي: من أحدهما، وذلك (٣) لأن من للابتداء، وكون الرجل الواحد من القريتين بعيد، فقدر المضاف، ومنهم من لم يقدر مضافًا وقال: أراد على رجل كائن من القريتين كلتيهما، والمراد به: عروة المذكور؛ لأنه كان يسكن مكة والطائف جميعًا. وكان له في مكة أموال يتَّجرُ بها، وكان له في الطائف بساتين وضياع، فكان يتردد إليهما، فصار كأنه من أهلهما، يقول الفقير: هنا وجه خفي، وهو أن النسبة إلى القريتين قد تكون بالمهاجرة من إحداهما إلى الأخرى، كما يقال: المكي، المدني، والمصري، الشامي وذلك بعد الإقامة في إحداهما أربع سنين، صرح
(٢) التفسير المنير.
(٣) روح البيان.