إلى جانب البحر دون البر، وإلا فالله سبحانه وتعالى قادر على إهلاك العدو في البر أيضًا، بسبب من الأسباب، كما فعل بأكثر الكفار، ممن كانوا قبل القبط
٢٦ - ﴿و﴾ كم تركوا من ﴿زُرُوعٍ﴾ كثيرة الأقوات، جمع زرع، وهو ما استنبت بالبذر، تسميةً بالمصدر من زرع الله الحرث إذا أنبته وأنماه. قال في "كشف الأسرار"؛ أي: وفنون الأقوات، وألوان الأطعمة؛ أي: كانوا أهل ريف وخصب، خلاف حال العرب ﴿وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾؛ أي: محافل مزينة، ومنازل محسنة، وقرأ الجمهور (١): ﴿وَمَقَامٍ﴾ بفتح الميم، قال ابن عباس ومجاهد وابن جبير: أراد المقام، وهو اسم مكان للقيام، وقرأ ابن هرمز وقتادة وابن السميقع ونافع، في رواية خارجة، وقتادة بضمها، اسم مكان الإقامة، قال قتادة: أراد المواضع الحسان من المجالس، والمساكن وغيرها.
٢٧ - ﴿وَنَعْمَةٍ﴾؛ أي: تنعم (٢) ونضارة عيش ولذاذة حياة، يقال: كم ذي نعمة لا نعمة له؛ أي: كم ذي مال لا تنعم له، فالنعمة بالكسر ما أنعم به الله عليك، والشعمة بالفتح التنعم، وهو استعمال ما فيه النعومة، واللين، من المأكولات والملبوسات؛ أي: وكم تركوا من نعمة ﴿كَانُوا﴾؛ أي: فرعون وقومه ﴿فِيهَا﴾؛ أي: في تلك النعمة ﴿فَاكِهِينَ﴾؛ أي: متنعمين متلذذين، ومنه الفاكهة، وهي ما يتفكه به؛ أي: يتنعم ويتلذذ بأكله، وقرأ أبو رجاء ﴿ونعمة﴾ بالنصب عطفًا على ﴿كَمْ﴾ وقرأ الجمهور: ﴿فَاكِهِينَ﴾ بالألف؛ أي: طيبي الأنفس، أصحاب فاكهة كلابن وتامر؛ أي: كانوا فيها متنعمين طيبةً بها أنفسهم، وقرأ (٣) أبو رجاء والحسن، وأبو الأشهب، والأعرج، وأبو جعفر، وشيبة ﴿فكهين﴾ بغير ألف؛ أي: أشرين بطرين، وقال الجوهري: فكه الرجل بالكسر فهو فكه، إذا كان مزاحًا، والفكه أيضًا لأشر. وقال القشيري: فاكهين لاهين،
٢٨ - وقوله: ﴿كَذلِكَ﴾ في محل (٤) رفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف، قال الزجاج: الأمر، وهو إهلاك فرعون وقومه، وتخليفهم وراءهم كذلك، ويجوز أن تكون في محل نصب،
(٢) روح البيان.
(٣) البحر الشوكاني.
(٤) الشوكاني.