على صدقه، وقد ظهرت المعجزات على يدي محمد - ﷺ -، واليهود قد شادوها، فوجب الاعتراف بنبوّته، ثم أردف ذلك تخويفهم يوم القيامة، حتى يستعدوا له ويتركوا المماراة بالباطل، ثم ذكر أن المشركين يستعجلون به استهزاء، وإنكارًا لوجوده، والمؤمنون خائفون منه لعلمهم بالجزاء حينئذٍ، ثم أعقب ذلك بذكر أن المماراة في الساعة ضلال بيّن، لتظاهر الأدلة على حصولها لا محالة.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية (١): ما أخرجه ابن المنذر عن عكرمة، قال: لما نزلت: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ قال المشركون بمكة، لمن بين أظهرهم من المؤمنين: قد دخل الناس في دين الله أفواجًا، فأخرجوا من بين أظهرنا، فعلام تقيمون بين أظهرنا، فنزلت: ﴿وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ...﴾ الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله: ﴿وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ...﴾ الآية، قال: هم اليهود والنصارى، قالوا: كتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن خير منكم.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿حم (١) عسق (٢)﴾ اسمان (٢) للسورة، ولذلك فصل بينهما في الكتابة، وعدّا آيتين، بخلاف كهيعص والمص والمر، فإنها آية واحدة. وقيل: هما اسم واحد للسورة وآية واحدة، وفصلت لتطابق سائر الحواميم، فعلى الأول: يكونان خبرين لمبتدأ محذوف. وعلى الثاني: يكون خبرًا لذلك المبتدأ المحذوف، وقرأ ابن مسعود وابن عباس ﴿حم (١) عسق (٢)﴾ وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الحاء حكم الله، والميم ملك الله،
٢ - والعين علوّ الله، والسين سناء الله، والقاف قدرة الله، أقسم الله بها، فكأنه يقول: فبحكمي وملكي وعلوي وسنائي وقدرتي،
(٢) روح البيان.