محذوف، إن جعلناه اسمًا للسورة، أو مبتدأ خبره ما بعده، وإن جعل حروفًا مسرودة على نمط التعديد، فلا محل له من الإعراب. وفي "التأويلات النجمية": يشير بالحاء إلى حياته، وبالميم إلى مودته، كأنه قال: أقسمت بحياتي ومودتي لأوليائي،
٢ - ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ﴾؛ أي: تنزيل القرآن المشتمل على السور مطلقًا، خصوصًا هذه السورة الجليلة، وهو مبتدأ، خبره قوله: ﴿مِنَ اللَّهِ﴾؛ أي: واقع منه سبحانه وتعالى، والجملة جواب القسم، فدل على أن القرآن حق وصدق ﴿الْعَزِيزِ﴾ فدل على أنه معجز، غالب غير مغلوب ﴿الْحَكِيمِ﴾ فدل على أنه مشتمل على حكم بالغة، وعلى أنه ناسخ غير منسوخ، فليس كما يزعم المبطلون، من أنه شعر أو كهانة، أو تقول من عنده - ﷺ -، ممكن معارضته، وأنه كأساطير الأولين مثل حديث رستم، وإسفنديار وغيرهما، فيجب أن يعرف قدره، وأن يكون الإنسان مملوءًا به صدره.
والمعنى: تنزيل هذا الكتاب واقع من الله العزيز في ملكه، الحكيم في أمره وقضائه.
٣ - ثم أخبر سبحانه، بما يدل على قدرته الباهرة، فقال: ﴿إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾؛ أي: إن في خلقهما، وخلق ما فيهما من آثار القدرة كالكواكب، والجبال والبحار، ونحوها ﴿لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾؛ أي: لشواهد الربوبية لأهل التصديق، وأدلة الإلهية لأهل التوفيق، خص المؤمنين بالذكر لانتفاعهم بتلك الآيات والدلالات، فإنهم يستدلون بالمخلوق على الخالق، وبالمصنوع على الصانع، فيوحدونه، وهو أول الباب، ولذا قدم الإيمان على الإيقان، ولعل (١) الوجه في طي ذكر المضاف هنا، وهو الخلق، وإثباته في الآية الآتية أن خلق السموات والأرض ليس بمشهود للخلق، وإن كانتا مخلوقتين، كما قال تعالى: ﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ بخلاف خلق الإنسان، وما يلحق به من خلق سائر الدواب، فإنه كما أنه يستدل بخلقه على خالقه، فكذا يشاهد خلقه وتوالده،