الماضية، لقولهم أيام العرب، لوقائعها كيوم بعاث بوزن غراب، موضع بقرب المدينة، ويومه معروف؛ أي: قل لهم: اغفروا، يغفروا ويصفحوا ويعفوا، وقيل: مجزوم بلام مقدرة تقديره: ليغفروا، فهو أمر مستأنف، وإنما جاز حذف اللام؛ لأن الأمر الذي هو ﴿قُلْ﴾ عوض عنه، وقيل: لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز به فيها وإضافتها إلى الله كبيت الله، وناقة الله والأول أولى، والأيام يعبر بها عن الوقائع، كما تقدم في تفسير قوله تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾، قال مقاتل: لا يخشون مثل عذاب الله للأمم الخالية، وذلك أنهم لا يؤمنون، فلا يخافون عقابه. وقيل: المعنى لا يأملون نصر الله لأوليائه، وإيقاعه بأعدائه، وقيل: لا يخافون البعث.
والمعنى (١): قل يا محمد، للذين صدقوا الله ورسوله: اعفوا واصفحوا عن هؤلاء المشركين، الذي لا يخافون بأس الله ونقمته، إذا نالكم منهم أذى ومكروه، قاله مجاهد. روى الواحدي، والقشيري عن ابن عباس: أن الآية نزلت في عمر بن الخطاب مع عبد الله بن أبي، في غزوة بني المصطلق، فإنهم نزلوا على بئر يقال لها: المريسيع، فأرسل عبد الله غلامه ليستقي، فأبطأ عليه، فقال: ما حبسك؟ فقال: غلام عمر قعد على فم البئر، فما ترك أحدًا يستقي حتى ملأ قرب النبي - ﷺ -، وقرب أبي بكر، وملأ لمولاه، فقال عبد الله: ما مثلنا ومئل هؤلاء إلا كما قيل: سمن كلبك يأكلك، فبلغ عمر قوله، فاشتمل على سيفه يريد التوجه إليه ليقتله، فأنزل الله هذه الآية.
وروى ميمون بن مهران عن ابن عباس سببًا آخر، قال: لما نزل قوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ قال يهودي بالمدينة يسمى فنحاصًا: احتاج رب محمد - ﷺ -، قال: فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه، وخرج في طلبه، فجاء جبريل إلى النبي - ﷺ - فقال: إن ربك يقول لك: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾ فبعث رسول الله - ﷺ - في طلب عمر، فلما جاء