اتبعها تنورها بنور الإيمان، واليقين، وجمع الخبر باعتبار ما في المبتدأ من تعدد الآيات، والبراهين، اهـ "سمين". وقرىء (١) ﴿هذه بصائر﴾؛ أي: هذه الآيات بصائر؛ لأن القرآن بمعناها ﴿وَهُدًى﴾؛ أي: هاد من ورطة الضلالة إلى طريق الرشاد ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ عظيمة، ونعمة كاملة من الله تعالى، فإن الفوز بجميع السعادات الدنيوية، والأخروية إنما يحصل به ﴿لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾؛ أي: لقوم من شأنهم الإيقان بالأمور، وعدم الشك والتزلزل بالشبه فيها.
والمعنى: أي هذا القرآن دلائل للناس فيما يحتاجون إليه من أمر الدين، وبينات تبصرهم وجه الفلاح، وتعرفهم سبيل الهدى، وهو هدى ورحمة لقوم يوقنون بصحته، وهو تنزيل من رب العالمين، وإنما خص الموقنين بأنه لهم هدى، ورحمة لأنهم هم الذين ينتفعون بما فيه، دون من كذب به من أهل الكفر، فإنه عليهم عمى.
الإعراب
﴿حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤)﴾.
﴿حم (١)﴾ خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هذه السورة ﴿حم﴾؛ أي: مسماة بـ ﴿حم﴾ إن قلنا إنه علم للسورة، والجملة مستأنفة. ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ﴾: مبتدأ، ﴿مِنَ اللَّهِ﴾: خبر، والجملة مستأنفة. ﴿الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾: صفتان للجلالة. ﴿إِنَّ﴾: حرف نصب. ﴿فِي السَّمَاوَاتِ﴾: خبر لـ ﴿إِنَّ﴾ مقدم على اسمها. ﴿وَالْأَرْضِ﴾ معطوف على ﴿السَّمَاوَاتِ﴾، ﴿لَآيَاتٍ﴾: اللام: حرف ابتداء. ﴿آيَاتٍ﴾ اسم ﴿إِنَّ﴾ مؤخر منصوب بالكسرة. ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ صفة ﴿آيَاتٍ﴾ وجملة ﴿إنَّ﴾ مستأنفة. ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ﴾: ﴿الواو﴾: عاطفة. ﴿في خلقكم﴾: خبر مقدم، ﴿وَمَا﴾: اسم موصول معطوف على ﴿خَلْقِكُمْ﴾. ﴿يَبُثُّ﴾: فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على الله، والجملة صلة لـ ﴿ما﴾ الموصولة، والعائد محذوف تقديره: وما يبثه. ﴿مِنْ دَابَّةٍ﴾

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon