وفيه إشارة، إلى أن كل من عمل بمتابعة هواه، وترك لله حدًّا، ونقض له عهدًا، فهو متخذ الشياطين أولياء؛ لأنه يعمل بأوامرهم، وأفعاله موافقة لطباعهم، الله حفيظ عليهم بأعمال سرهم وعلانيتهم، إن شاء عذّبهم، وإن شاء عفا عنهم، وما أنت عليهم بوكيل، لتمنعهم عن معاملتهم، فعلى العاقل أن لا يتخذ من دون الله أولياء، بل يتفرد بمحبة الله تعالى وولايته، كما قال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ﴾ حتى يتولاه في جميع أموره. وما أحوجه إلى أحد سواه.
حكاية: وقال الأستاذ أبو علي الدقاق - رحمه الله تعالى -: ظهرت علة بالملك يعقوب بن الليث، أعيت الأطباء، فقالوا له: في ولايتك رجل صالح، يسمى سهل بن عبد الله، لو دعا لك، لعل الله يستجيب له، فاستحضره فقال: ادع الله لي، فقال: كيف يستجاب دعائي فيك، وفي حبسك مظلومون، فأطلق كل من حبسه، فقال سهل: اللهم كما أريته ذل المعصية، فأره عز الطاعة، وفرج عنه، فعوفي، فعرض مالًا على سهل، فأبى أن يقبله، فقيل له: لو قبلته ودفعته إلى الفقراء، فنظر إلى الحصباء في الصحراء، فهذا هي جواهر فقال: من يُعطى مثل هذا، يحتاج إلى مال يعقوب بن الليث؟ فالمعطي والمانع والضار والنافع هو الله، الولي، الوكيل، الذي لا إله غيره.
والمعنى: أي والمشركون الذين اتخذوا آلهة من الأصنام، والأوثان، يعبدونها، الله هو المراقب لأعمالهم، المحصي لأفعالهم، وأقوالهم، المجازي لهم يوم القيامة على ما كانوا يفعلون، ولست أنت أيها الرسول، بالحفيظ عليهم، إنما أنت نذير تبلغهم ما أرسلت به إليهم، إن عليك إلا البلاغ، وعلينا الحساب، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، فإنك لست بمدرك ما تريد من هدايتهم، إلا إذا شاء ربك.
٧ - والإشارة في قوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ إلى مصدر أوحينا، ومحل الكاف النصب على المصدرية. وقرآنًا عربيًا مفعول به لأوحينا؛ أي: ومثل ذلك الإيحاء البديع، الواضح المفهم، أوحينا إليك إيحاء لا لبس به، عليك وعلى قومك.