عائد إلى المجموعين المدلول عليهم بذكر الجمع؛ أي: هم فريق في الجنة وفريق في السعير، وقرأ زيد بن عليّ ﴿فريقًا﴾ بالنصب في الموضعين على الحال، من جملة محذوفة؛ أي: افترقوا حال كونهم فريقًا كذا وفريقًا كذا. وجوّز الفراء والكسائي النصب على تقدير لتنذر فريقًا. والضمير المجرور في منهم للمجموعين، لدلالة لفظ الجمع عليه، فإن المعنى يوم يجمع الخلائق في موقف الحساب.
وفي "التأويلات النجمية" (١): وتنذر يوم الجمع بين الأرواح والأجساد، لا شك في كونه، وكما أنهم اليوم فريقان: فريق في جنة القلوب، وراحات الطاعات، وحلاوات العبادات، وتنعّمات القربات، وفريق في سعير النفوس، وظلمات المعاصي، وعقوبات الشرك، والجحود، فكذلك غدًا، فريق هم أهل اللقاء، وفريق هم أهل الشقاء والبلاء.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: خرج علينا رسول الله - ﷺ - ذات يوم، قابضًا على كفّه، ومعه كتابان، فقال: "أتدرون ما هذان الكتابان" قلنا: لا يا رسول الله، فقال: للذي في يده اليمنى "هذا كتاب من ربّ العالمين، بأسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وعشائرهم، وعدّتهم، قبل أن يستقرّوا نطفًا في الأصلاب، وقبل أن يستقروا نطفًا في الأرحام، إذ هم في الطينة منجدلون، فليس بزائد فيهم ولا ناقص منهم، إجمال من الله عليهم، إلى يوم القيامة"، ثم قال: للذي في يساره: "هذا كتاب من رب العالمين، بأسماء أهل النار، وأسماء آبائهم، وعشائرهم، وعدّتهم، قبل أن يستقروا نطفًا في الأصلاب، وقبل أن يستقروا في الأرحام، إذ هم في الطينة منجدلون، فليس بزائد فيهم، ولا ناقص منهم إجمال من الله تعالى عليهم إلى يوم القيامة. فقال عبد الله بن عمرو: ففيم العمل إذًا؟ قال: اعملوا وسددوا وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة، وإن عمل أيّ عمل، ثمّ قال: فريق في الجنة وفريق في السعير، عدل

(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon