ثم نعى على المشركين حال آلهتهم، وأمر رسوله - ﷺ - أن يقول لهم: أخبروني ماذا خلق آلهتكم من الأرض، أو لهم شركة في خلق السموات حتى يستحقّوا العبادة، فإن كان لهم ما تدّعون.. فهاتوا دليلًا على هذا الشرك المدّعى بكتاب موحى به من قبل القرآن، أو ببقية من علوم الأولين، وكيف خطر على بالكم أن تعبدوها، وهي لا تستجيب لكم دعاء إلى يوم القيامة؟ وهي غافلة عنكم، وفي الدار الآخرة تكون لكم أعداء، وتجحد عبادتكم لها.
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه لمّا تكلم (١) في تقرير التوحيد، ونفي الأضداد والأنداد.. أعقب هذا بالكلام في النبوة، وبيّن أنه كلما تلا عليهم الرسول شيئًا من القرآن.. قالوا: إنه سحر، بل زادوا في الشناعة، وقالوا: إنه مفترى، فردّ عليهم بأنّه لو افتراه على الله.. فمن يمنعه من عقابه لو عاجله به، وهو العلم بما تندفعون فيه من الطعن في نبوتي، ويشهد لي بالصدق والبلاغ، وعليكم بالكذب والجحود.
ثم أمر رسوله أن يقول لهم: إني لست بأول الرسل حتى تنكروا دعائي لكم إلى التوحيد، ونَهْيي لكم عن عبادة الأوثان والأصنام، وما أدري ما يفعل بي في الدنيا، أأموت أم أُقتل كما قتل الأنبياء قبلي، ولا ما يفعل بكم، أترمون بالحجارة من السماء أم تخسف بكم الأرض، أم يفعل بكم غير ذلك مما عمل مع سائر المكذبين للرسل، وإني لا أعمل عملًا، ولا أقول قولًا إلا بوحي من ربي، وما أنا إلا نذير لا أستطيع أن آتي بالمعجزات والأخبار الغيبية، فالقادر على ذلك هو الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِه...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لمَّا نعى عليهم استهزاءهم بكتابه، وقولهم فيه: إنه سحر مفترى، وردَّ الرسول عليهم بأنّه ليس بأول رسول حتى