الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه لما ذكر (١) فيما سلف أنّ الناس فريقان:
أحدهما: متّبعٌ للباطل، وهو حزب الشيطان.
وثانيهما: متّبعٌ للحق، وهو حزب الرحمن.. ذكر هنا وجوب قتال الفريق الأول، حتى يفيء إلى أمر الله، ويرجع عن غيِّه، وتخضد شوكته.
قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنَّ الله سبحانه لما نعى على الكافرين مغبّة أعمالهم، وأنّ النار مثوى لهم.. أردف هذا أمرهم بالنظر في أحوال الأمم السالفة، ورؤية آثارهم، لما للمشاهدت الحسّية من آثار في النفوسّ، ونتائج لدى ذوي العقول إذا تدبّروها واعتبروا بها.
قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنّ الله سبحانه لمّا بينّ الفارق بين الفريقين في الاهتداء والضلال.. ذكر الفارق بينهما في مرجعهما ومآلهما، فذكر ما للأوّلين من النعيم المقيم، واللذات التي لا يدركها الإحصاء، وما للآخرين من العذاب اللازب في النار، وشرب الماء الحار الذي يقطّع الأمعاء.
قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه لما ذكر حال المشركين، وبيّن سوء مغبّتهم.. أردف هذا ببيان أحوال المنافقين الذين كانوا يحضرون مجلس رسول الله - ﷺ - فيسمعون كلامه ولا يعونه تهاونًا واستهزاء به، حتى إذا خرجوا من عنده.. قالوا للواعين من الصحابة: ماذا قال قبل افتراقنا وخروجنا من عنده؟. وهؤلاء قد طبع الله على قلوبهم، واتبعوا أهواءهم، ومن ثم تشاغلوا عن سماع كلامه، وأقبلوا على جمع حطام الدنيا.
ثم أعقبه بذكر حال من اهتدوا، وألهمهم وبهم ما يتقون به النار، ثم عنف

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon