فقالوا لها: أصابك اللات والعزى، فردّ الله عليها بصرها، فقال عظماء قريش: لو كان ما جاء به محمد خيرًا.. ما سبقتنا إليه زِنِّيرَةُ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقال ابن عباس والكلبي والزجاج: إنّ الذين كفروا هم بنو عامر وغطفان وتميم وأسد وحنظلة وأشجع، قالوا لمن أسلم من غفار وأسلم وجهينة ومزينة وخزاعة: لو كان ما جاء به محمد خيرًا، ما سبقتنا إليه رعاة البهم، إذ نحن أعز منهم.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿حم (١)﴾؛ أي: هذه السورة (١) مسماة بـ ﴿حم (١)﴾. وقال بعضهم: ﴿الحاء﴾، إشارة إلى حماية أهل التوحيد، و ﴿الميم﴾: إلى مرضاته منهم مع المزيد، وهو النظر إلى وجهه الكريم. وقال بعضهم: معناه: حميت قلوب أهل عنايتي فصنتها عن الخواطر والهواجس، فلاح فيها شواهد الدين، وأشرقت بنور اليقين.
يقول الفقير: فيه إشارة إلى أنّ القرآن حياة الموتى، كما قال: ﴿أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾، وكذا حياة الموتى من القلوب، فإنّ العلوم والمعارف، والحكم حياة؛ القلوب والأرواح والأسرار. وأيضًا إشارةٌ إلى الأسماء الحسنى، فإنَّ حاء وميم من حساب البسط تسعةٌ وتسعون. وأيضًا إلى الصفات السبع التي خلق الله آدم عليها: وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام، فـ ﴿الحاء﴾، حاء الحياة، و ﴿الميم﴾ ميم الكلام، فأشير بالأول والآخر إلى المجموع؛ يعني: أنّ الله تعالى أنزل القرآن لتحصى أسماؤه الحسنى، وتعرف به صفاته العليا، ويتخلق بأخلاقه العظمى.
٢ - ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ﴾؛ أي؛ القرآن المشتمل على هذه السورة، وعلى سائر السور الجليلة، وهو مبتدأ، خبره: قوله: ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ سبحانه وتعالى؛ أي: كائن منه تعالى، وما كان من الله فهو حق وصدق، فإنه قال: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾. ﴿الْعَزِيزُ﴾؛ أي: الغالب الذي لا يُغالب، وما كان من العزيز فهو عزيز غالب على جميع الكتب بنظمه ومعانيه، ودليل ظاهر