قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ...﴾ إلى آخر السورة، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لمّا أمر المؤمنين بترك المعاصي، لأنها محبطة لثواب الأعمال الصالحة، وأمرهم بالتشمير عن ساعد الجد للجهاد، ومقاتلة الأعداء نصرة لدينه، ووعدهم بأن الله ناصرهم وهم الأعلون، فلا ينبغي لهم أن يطلبوا المهادنة من العدوّ خورًا وجبنًا خوفًا على الحياة ولذاتها.. أكد هذا المعنى، فأبان أنه لا ينبغي لكم أيها المؤمنون الحرص على الدنيا، فإنها ظل زائل، وعرض غير باق، وما هي إلا لذات مؤقتة لا تلبث أن تزول، وهي مشغلة عن صالح الأعمال، فلا يليق بكم أن تعضوا عليها بالنواجذ، بل اعملوا لما يرضي ربكم يؤتكم أجوركم، وهو لا يسألكم من أموالكم إلا القليل النزر الذي فيه صلاح المجتمع للمعونة على القيام بالمرافق العامة دنيوية كانت أو دينية، وهو عليم بأنكم أشحة على أموالكم، فلو طلبها.. لبخلتم بها، وظهرت أحقادكم على طالبيها، والله قد طلب إليكم الإنفاق في سبيله، والقيام بما تحتاج إليه الدعوة، فإن بخلتم فضرر ذلك عائد إليكم، والله غني عن معونتكم، وإن أعرضتم عن الإيمان والتقوى.. يأت الله بخلق غيركم يقيمون دينه، وينصرون الدعوة.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه (١) ابن أبي حاتم ومحمد بن نصر المروزي في "كتاب الصلاة" عن أبي العالية، قال: كان أصحاب رسول الله - ﷺ - يرون أنه لا يضر مع لا إله إلا الله ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل، فنزلت: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ فخافوا أن يبطل الذنب العمل.
التفسير وأوجه القراءة
٢٠ - ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ اشتياقًا منهم إلى الوحي، وحرصًا على الجهاد، لأن

(١) لباب النقول.


الصفحة التالية
Icon