٢٥ - ولما أخبر بإقفال قلوبهم.. بين منشأ ذلك، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا﴾ ورجعوا ﴿عَلَى أَدْبَارِهِمْ﴾ وأعقابهم؛ أي: رجعوا إلى ما كانوا عليه من الكفر، وهم المنافقون الموصوفون بمرض القلوب، وغيره من قبائح الأفعال والأحوال، فإنهم كفروا به - ﷺ - ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى﴾ بالدلائل الظاهرة، والمعجزات القاهرة ﴿الشَّيْطَانُ﴾ لعنة الله عليه ﴿سَوَّلَ﴾ وزيَّن ﴿لَهُمْ﴾ ما هم عليه أو الشرك والمعاصي، جملة ﴿مِن﴾ مبتدأ وخبر وقعت خبرًا لـ ﴿إِنَّ﴾؛ أي: سهل لهم ركوب العظائم، وحسنها لهم، وصورها لهم بصورة الحسن، من التسويل، وهو: تزيين النفس لما تحرص عليه، وتصوير القبيح منه بصورة الحسن.
وقرأ زيد بن علي ﴿سَوَّلَ لَهُمْ﴾؛ أي: كيده على تقدير حذف مضاف من السول، وهو: استرخاء البطن.
قال قتادة (١): هم: كفار أهل الكتاب، كفروا بالنبي - ﷺ - بعدما عرفوا نعته عندهم، وبه قال ابن جرير، وقال الضحاك والسدي: هم المنافقون، قعدوا عن القتال، وهذا أولى؛ لأنّ السياق في المنافقين.
﴿وَأَمْلَى لَهُمْ﴾ الشيطان؛ أي: مدَّ لهم في الآمال والأماني، ووعدهم طول العمر، وقيل: إن الذي أملى لهم هو الله سبحانه، والمعنى: أمهلهم الله، ولم يعاجلهم بالعقوبة.
قرأ الجمهور (٢): ﴿وَأَمْلَى لَهُمْ﴾ مبنيًا للفاعل، وقرأ أبي عمرو وابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر، وأبو جعفر وشيبة والجحدري وابن سيرين: ﴿وأُملي لهم﴾ مبنيًا للمفعول؛ أي: أمهلوا ومدوا في عمرهم، قيل: وعلى هذه القراءة يكون الفاعل هو الله أو الشيطان، كالقراءة الأولى، وقد اختار القول بأنّ الفاعل هو الله، الفراء، والمفضل، والأولى اختيار أنه الشيطان لتقدم ذكره قريبًا، وقرأ مجاهد (٣) وابن هرمز والأعمش وسلام ويعقوب: ﴿وأملي﴾ بهمزة المتكلم
(٢) البحر المحيط.
(٣) البحر المحيط.