﴿أسرارهم﴾ بفتح الهمزة، جمع سر، واختار هذه القراءة أبي عبيد وأبو حاتم، وقرأ الكوفيون وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم وابن وثاب والأعمش: بكسر الهمزة على المصدر،
٢٧ - و ﴿الفاء﴾ في قوله: ﴿فَكَيْفَ﴾: عاطفة على محذوف، و ﴿كَيْفَ﴾ مفعول لفعل محذوف، والظرف في قوله: ﴿إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾: متعلق بذلك الفعل المحذوف، والتقدير: هم يفعلون في حياتهم ما يفعلون من الحيلة، فكيف يفعلون إذا قبض أرواحهم ملك الميت وأعوانه؟ حال كون الملائكة ﴿يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾؛ أي: ظهورهم وخلفهم بمقامع الحديد، والجملة: حال أو فاعل ﴿تَوَفَّتْهُمُ﴾. وهو تصوير لتوفيهم على أهول الوجوه وأفظعها.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: لا يتوفى أحد على معصية إلا تضرب الملائكة وجهه ودبره، والمعنى: أنه إذا تأخر عنهم العذاب، فسيكون حالهم هذا. وفي الكلام تخويف وتهديد، وقيل: ذلك عند القتال نصرة من الملائكة لرسول الله - ﷺ -، وقيل: ذلك يوم القيامة، والأول أولى، وقرأ الجمهور (١): ﴿تَوَفَّتْهُمُ﴾ بالتاء، وقرأ الأعمش: ﴿توفَّاهم﴾، بألف بدل التاء، فاحتمل أن يكون ماضيًا ومضارعًا حذفت منه التاء.
والمعنى: أي فكيف يفعلون إذا جاءتهم ملائكة الموت لقبض أرواحهم على أقبح الوجوه وأفظعها؟ وقد مثل ذلك بحال يخافونها في الدنيا، ويجبنون عن القتال لأجلها، وهو الضرب على الوجوه والأدبار، إذ في يوم الوفاة لا نصرة لهم ولا مفر، فكيف يحترزون من الأذى، ويبتعدون من العذاب؟.
٢٨ - ثم بين سبب التوفي على تلك الحال الشنيعة، فقال: ﴿ذَلِكَ﴾ التوفّي الهائل مع الضرب ﴿بِأَنَّهُمُ﴾؛ أي: بسبب أنهم ﴿اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ﴾ من الكفر والمعاصي ﴿وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ﴾؛ أي: ما يرضاه من الإيمان والطاعة، حيث كفروا بعد الإيمان، وخرجوا عن الطاعة بما صنعوا من المعاملة مع اليهود