بقوله: ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وهو قادر على نصر رسوله - ﷺ - ببعض جنوده، بل هو قادر على أن يهلك عدوّه بصيحة، ورجفة، وصاعقة، ونحو ذلك، فلم يفعل، بل أنزل سكينة في قلوبكم أيّها المؤمنون، ليكون نصر رسول الله - ﷺ -، وإهلاك أعدائه على أيديكم، فيكون لكم الثواب، ولهم العقاب، وفي جنود السموات والأرض وجوه:
الأول: أنهم ملائكة السموات والأرض.
الثاني: أنّ جنود السموات الملائكة، وجنود الأرض جميع الحيوانات.
الثالث: أنّ جنود السموات: مثل الصاعقة، والصيحة، والحجارة، وجنود الأرض: مثل الزلازل والخسف والغرق، ونحو ذلك.
﴿وَكَانَ الله﴾ سبحانه وتعالى ﴿عَلِيمًا﴾ بجميع جنوده الذين في السموات والأرض، أو عليما بالمصالح ﴿حَكِيمًا﴾؛ أي: في تدبير جنوده، أو فيما يقدّر ويدبّر، وقيل: عليمًا بما في قلوبكم أيّها المؤمنون، حكيمًا حيث جعل النصر لكم على أعدائكم.
والمعنى (١): أي فهو سبحانه الإله الذي يدبّر أمر العالم، ويسلّط بعض جنده على بعض، فيجعل جماعة يجاهدون لإعلاء كلمة الحق، ويجعل آخرين يقاتلون في سبيل الشيطان، ولو شاء.. لأرسل عليهم جندًا من السماء، فأباد خضراءهم، لكنّه سبحانه شرع الجهاد والقتال لما في ذلك من مصلحة هو عليم بها، وحكمة قد تغيب عنّا، وهذا ما عناه بقوله: ﴿وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا﴾. فهو لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السموات ولا في الأرض.
٥ - و ﴿اللام﴾ في قوله: ﴿لِيُدْخِلَ﴾ الله سبحانه ﴿الْمُؤْمِنِينَ﴾ المخلصين من الرجال ﴿وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ المخلصات من النساء ﴿جَنَّاتٍ﴾ وبساتين ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا﴾؛ أي: تسيل من تحت أشجارها ومساكنها وغرفها ﴿الْأَنْهَارُ﴾؛ أي: أنهار الماء واللبن والخمر