حكمه فوزًا عظيمًا؛ أي: ظفرًا بكل مطلوب، ونجاةً من كل غمّ، وجلبًا لكل نفع، ودفعًا لكل ضر، والجملة: معترضة بين جزاء المؤمنين، وجزاء المنافقين والمشركين.
والمعنى (١): أي وإنّما دبّر ذلك؛ ليعرف المؤمنون نعمة الله، ويشكروها، فيدخلوا الجنة ماكثين فيها أبدًا، وليكفرّ عنهم سيئات أعمالهم بالحسنات التي يعملونها شكرًا لربهم على ما أنعم به عليهم، وكان ذلك ظفرًا لهم بما كانوا يرجون ويسعون له، ونجاة ما كانوا يحذرونه من العذاب الأليم، وهذا منتهى ما يرون من منفعة مجلوبة، ومضرة مدفوعة.
٦ - ثمّ لما فرغ مما وعد به صالحي عباده.. ذكر ما يستحقه غيرهم، فقال: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ﴾ إلخ، فهو معطوف على ﴿يُدْخِلُ﴾؛ أي: وليعذّب المنافقين والمنافقات من أهل المدينة ﴿وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ﴾ من أهل مكة؛ أي: وليعذّبهم في الدنيا بما يصل إليهم من الهموم والغموم، بسبب ما يشاهدونه من ظهور كلمة الإسلام، وقهر المخالفين له، وبما يصابون به من القهر، والقتل والأسر، وفي الآخرة بعذاب جهنم.
وفي تقديم المنافقين على المشركين هنا، وفي غيره من المواضع (٢)، دلالة على أنهم أشدّ منهم عذابًا، وأحق منهم بما وعدهم الله به؛ لأنّ المنافقين كانوا أشدّ ضررًا على المؤمنين من الكافرين المجاهرين؛ لأنّ الكافر يمكن أن يحترز منه، ويجاهد؛ لأنه عدو مبين، فيتوقى المؤمن من شره، والمنافق لا يمكن أن يحترز منه، ولا يجاهد؛ لأنّه يختلطه لظنّه إيمانه فيفشي سره، فلهذا كان شره أكثر من شر الكافر، فكان تقديم المنافق بالذكر أولى.
ثم وصف الفريقين، فقال: ﴿الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ﴾: صفة للفريقين: أهل النفاق، وأهل الشرك. و ﴿ظَنَّ السَّوْءِ﴾ (٣): منصوب على المصدرية،
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.