العالم العاقل.
واعلم: أيها الأخ الكريم، أنّ العلم إنما يزداد بصحبة أهله، ولمَّا تخلف المنافقون عن صحبة رسول الله - ﷺ -.. وصفهم الله سبحانه بعدم الفقه، فلا بدَّ من مجالسة العلماء العاملين، حتى تكون الدنيا وراء الظهر، ويجعل الرغبة في الآخرة. وقدورد في الأخبار: "اطلبوا العلم ولو بالصين".
وعن بعضهم قال: رأيت في الطواف كهلًا قد أجهدته العبادة، وبيده عصا، وهو يطوف معتمدًا عليها، فسألته عن بلده، فقال: خراسان، ثم قال لي: في كم تقطعون هذا الطريق؟ قلت: في شهرين أو ثلاثة، فقال: أفلا تحجون كلّ عام؟ فقلت له: وكم بينكم وبين هذا البيت؟ قال: مسيرة خمس سنين، قلت: هذا والله هو الفضل المبين، والمحبّة الصادقة، فضحك وأنشأ يقول:
زُرْ مَنْ هَوَيْتَ وَإِنْ شَطَّتْ بِكَ الدَّارُ | وَحَالَ مِنْ دُوْنِهِ حُجْبٌ وَأَسْتَارُ |
لَا يَمْنَعَنَّكَ بُعْدٌ عَنْ زِيَارَتِهِ | إِنَّ المُحِبَّ لِمَنْ يَهْوَاهُ زَوَّارُ |
يعني: أنّ المراد بـ ﴿قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾: المرتدّون والمشركون مطلقًا، سواء كانوا مشركي العرب أو العجم، بناءً على أنّ من عدا الطائفتين المذكورتين، وهم: أهل الكتاب والمجوس، ليس الحكم فيهم أن يقتلوا إلى أن يسلموا، بل تقبل منهم الجزية، بخلاف المرتدّين، ومشركي العرب والعجم، فإنه لا تقبل منهم