﴿الظَّانِّينَ﴾: جمع ظانّ، أصله: ظانن، أدغمت النون الأولى في الثانية.
﴿عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ لفظ دائرة فيه إعلام بالإبدال، أصله: داورة، اسم فاعل من دار يدور، كقال يقول، أبدلت الواو في الوصف حملًا له في الإعلال على فعله، والدائرة في الأصل: عبارة عن الخطّ الميحط بالمركز، ثمّ استعملت في الحادثة والمصيبة المحيطة بمن هي وقعت عليه.
فمعنى الآية: يحيط بهم السوء إحاطة الدائرة بالشيء أو بمن فيها، بحيث لا سبيل إلى الانفكاك عنها بوجه، إلا أن أكثر استعمالها؛ أي: الدائرة في المكروه، كما أنّ أكثر استعمال الدولة في المحبوب الذي يتداول، ويكون مرةً لهذا، ومرةً لذاك، والإضافة في ﴿دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ من إضافة العام إلى الخاص، فهي للبيان، كخاتم فضة؛ أي: دائرة من شرّ لا من خير.
والمراد: الإحاطة والشمول، بحيث لا يتخطّاهم السوء ولا يتجاوزهم، اهـ. "روح".
وقال ابن الشيخ: السوء بالفتح صفة مشبهة، من ساء يسوء بضم العين في المضارع، سوءًا فهو سوء، ويقابله من حيث المعنى قولك: حسن يحسن حسنًا، فهو حسن، وهو فعل لازم بمعنى: قبح، وصار فاسدًا رديئًا، بخلاف ساءه يسوءه سوءًا ومساءةً؛ أي: أحزنه، نقيض سرَّه، فإنه متعدٍّ، ووزنه في الماضي فعل بفتح العين، ووزن ما كان لازمًا فعل بضم العين، وفعل يأتي فعله على فعل، كصعب صعوبة فهو صعب، والسوء بضم السين: مصدر لهذا اللازم، والسوء بالفتح: مشترك بين اسم الفاعل من اللازم، وبين مصدر المتعدّي، وقيل: السوء بالفتح والضم لغتان، من ساء بمعنى كالكره والكره. كما مرّ.
﴿وَتُعَزِّرُوهُ﴾؛ أي: تنصروه، قال في "المفردات": التعزير: النصرة، في التعظيم، قال تعالى: ﴿وَتُعَزِّرُوهُ﴾. والتعزير ما دون الحد، وذلك يرجع إلى الأول، فإنّ ذلك تأديب، والتأديب نصرة بقهر عدوّه، فإنّ أفعال الشر عدوّ الإنسان، فمتى قمعته عنها.. فقد نصرته، وعلى هذا الوجه قال النبي - ﷺ -: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" فقال: أنصره مظلومًا، فكيف أنصره ظالمًا؟ قال: "تكفّه