المناسبة
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها (١): أنه ذكرت سورة الفتح بعد سورة القتال؛ لأنّ الأولى كالمقدمة، والثانية كالنتيجة، وذكرت هذه بعد الفتح لأنّ الأمّة إذا جاهدت ثم فتح الله عليها، والنبي - ﷺ - بينها، واستتب الأمر.. وجب أن توضع القواعد التي تكون بين النبيّ - ﷺ - وأصحابه، وكيف يعاملونه، وكيف يعامل بعضهم بعضًا، فطلب إليهم أن لا يقطعوا أمرًا دون أن يحكم الله ورسوله به، وأن لا يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبيّ - ﷺ -، وأن لا يجهروا له بالقول كما يجهر بعضهم لبعهض، لما في ذلك من الاستخفاف الذي قد يؤدّي إلى الكفر المحيط للأعمال.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لمَّا نهى عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي - ﷺ -.. أردفه بذمّ الذين ينادون رسول الله - ﷺ - من وراء الحجرات، وهو في بيوت نسائه، كما يفعل أجلاف الأعراب، ثمّ أرشدهم إلى ما فيه الخير والمصلحة لهم في دينهم ودنياهم، وهو أن ينتظروا حتى يخرج إليهم.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ...﴾ الآية، مناسبتها لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لمّا ذمّ المنادين من وراء الحجرات.. أردفه بتأديب عباده المؤمنين بأدب نافع لهم في دينهم ودنياهم، وهو أنه إذا جاءهم الفاسق المجاهر بترك شعائر الدين بأيّ خبر.. لا يصدّقونه بادىء ذي بدءٍ، حتى يتثبّتوا ويتطلّبوا انكشاف الحقيقة، ولا يعتمدوا على قوله، فإنّ من لا يبالي بالفسق لا يبالي بالكذب الذي هو من فصيلته كراهة أن يصيبوا بأذى قومًا هم جاهلون حالهم، فتندموا على ما فرّط منكم، وتتمنّوا أنه لم يكن قد وقع.
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنّ الله سبحانه لمّا (٢) حذر المؤمنين من النبأ الصادر من الفاسق.. بيَّن

(١) المراغي.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon