أبي وقّاص، فصلى بالناس وهو سكران صلاة الفجر أربعًا، ثم قال: هل أزيدكم؟ فعزله عثمان عنهم، بعثه - ﷺ - مصدقًا إلى بني المصطلق، إلى آخر ما سبق في أسباب النزول.
وقوله: ﴿أَنْ تُصِيبُوا﴾ مفعول لأجله على تقدير مضاف؛ أي: حذار أن تصيبوا ﴿قَوْمًا﴾ بريئين بقتل وأسر وجرح، حال كونكم متلبسين ﴿بِجَهَالَةٍ﴾ بحالهم، وكنه قصتهم؛ لأنَّ الخطأ ممن لم يتبين الأمر، ولم يتثبت فيه هو الغالب وهو جهالة؛ لأنه لم يصدر عن علم. ﴿فَتُصْبِحُوا﴾؛ أي: فتصيروا بعد ظهور براءتهم مما أسند إليهم ﴿عَلَى مَا فَعَلْتُمْ﴾ في حقهم ﴿نَادِمِينَ﴾؛ أي: مهتمين به مغتمّين له غمًّا لازمًا، متمنّين أنه لم يقع، فإنّ تركيب (١) هذه الأحرف الثلاثة: ن د م، يدور مع الدوام، مثل: أدمت الأمر: إذا أدامه، ومدن المكان: إذا أقام به، ومنه المدينة؛ يعني: أنَّ الندم غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام على ما وقع، مع تمني أنه لم يقع، ولزومه قد يكون لقوته من أول الأمر، وقد يكون لعدم غيبة موجبه وسببه عن المخاطر، وقد يكون لكثرة تذكره، ولغير ذلك من الأسباب.
وفي الآية (٢): دلالة على أنَّ الجاهل لا بد أن يصير نادمًا على ما فعله بعد زمان، وفي ترتيب الأمر بالتبين على فسق المخبر: إشارة إلى قبول خبر الواحد العدل في بعض المواد، وفي الآية أيضًا إشارة إلى ترك الاستماع إلى كلام الساعي والنمام، والمغتاب للناس، فلا بدّ من التبين والتفحص؛ لتظهر حقيقة الحال، ويسلم المرء من الوبال، ويفتضح الكذاب الدجال، وفي الحديث: "التبيُّن من الله، والعجلة من الشيطان".
ومعنى الآية: أي (٣) يا أيها الذين آمنوا، إن جاءكم الفاسق بأيّ نبأ، فتوقّفوا فيه، وتطلبوا بيان الأمر وانكشاف الحقيقة، ولا تعتمدوا على قوله، فإنّ
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.