من لا يبالي بالفسق.. فهو أجدر بأن لا يبالي بالكذب ولا يتحاماه، خشية إصابتكم بالأذى قومًا أنتم جاهلون حالهم، فتندموا على ما فرط منكم، وتتمنّوا أن لو لم تكونوا فعلتم ذلك.
٧ - ثم وعظهم سبحانه بعظة هم أحرى الناس باتباعها، فقال: ﴿وَاعْلَمُوا﴾ أيّها المؤمنون، وفائدة الأمر الدلالة على أنهم نزّلوا منزلة الجاهلين، لمكانه - ﷺ -؛ لتفريطهم فيما يجب عليهم من تعظيم شأنه، وجملة ﴿أَنَّ﴾ في قوله: ﴿أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾: سادّة مسدّ مفعولي ﴿وَاعْلَمُوا﴾؛ أي: واعلموا أنّ فيكم رسول الله، وهو مرشد لكم، فارجعوا إليه، واعتمدوا عليه، فلا تقولوا قولًا باطلًا، ولا تتسرّعوا عند وصول الخبر إليكم من غير تبيّن، وجملة ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾؛ أي: لوقعتم في العنت والفساد والهلاك، في محل نصب على الحال من ضمير ﴿فِيكُمْ﴾؛ أي: كائنين (١) على حالة.. إلخ. وهي أنكم تريدون أن يتبع الرسول - ﷺ - رأيكم في كثير من الحوادث، ولو فعل ذلك.. لوقعتم في الجهد والهلاك، فعلى هذا يكون قوله: ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ﴾ إلخ. دليل وجوب تغيير تلك الحال أقيم مقام الحال، وفيه إيذان بأنّ بعضهم زيّنوا لرسول الله الإيقاع ببني المصطلق، تصديقًا لقول الوليد، وأنه - ﷺ - لم يطع رأيهم، أو مستأنفة.
والمعنى: لو يطيعكم في كثير مما تخبرونه من الأخبار الباطلة، وتشيرون به عليه من الآراء التي ليست بصواب.. لوقعتم في العنت، ولكنه لا يطيعكم في غالب ما تريدون قبل وضوح وجهه له، ولا يسارع إلى العمل بما يبلغه قبل النظر فيه، وقد يوافق الناس، ويفعل بمقتضى مصلحتهم؛ تحقيقًا لفائدة قوله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾.
وصيغة المضارع في قوله: ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ﴾: للدلالة على أنّ امتناع عنتهم لامتناع استمرار طاعته - ﷺ - لأن عنتهم، إنما يلزم من استمرار الطاعة فيما يعنُّ لهم