"المفردات": اللمز: الإغتياب، وتتبع المعايب؛ أي: لا تلمزوا الناس فيلمزوكم، فتكونوا في حكم من لمز نفسه. انتهى.
والمعنى: ولا تلمزوا الناس فيلمزوا أنفسكم؛ أي؛ لا تعيبوهم فيعيبوكم، وقال النبيّ - ﷺ -: "يبصر أحدكم القذاة - ما يقع في العين والماء من تراب أو وسخ - في عين أخيه، ويدع الجذع في عينه". وقيل: من سعادة المرء: أن يشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره. قال الشاعر:
لَا تَكْشِفَنْ مِنْ مَسَاوِيْ النَّاسِ مَا سَتَرُوا | فَيَهْتِكَ اللهُ سِتْرًا عَنْ مَسَاوِيْكَا |
وَاذْكُرْ مَحَاسِنَ مَا فَيْهِمْ إِذَا ذُكِرُوْا | وَلَا تَعِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِمَا فَيْكَا |
يقول الفقير: أشار التعليل في الحديث إلى أنّ ذكر الفاجر بما فيه من العيوب، إنما يصحّ بهذا الغرض الصحيح، وهو أن يحذر الناس منه، وإلا فالإمساك، مع أن في ذكره تلويث اللسان الطاهر؛ ولذا نقل عن بعض المشايخ: أنه لم يلعن الشيطان، إذ ليس فيه فائدة سوى اشتغال اللسان بما لا ينبغي، فإنّ العداوة له إنما هي بمخالفته، لا بلعنته فقط.
وقرأ الجمهور (١): ﴿وَلَا تَلْمِزُوا﴾ بكسر الميم، وقرأ الحسن، والأعرج وعبيد عن أبي عمرو: بضمها، وقال أبو عمرو هي عربية، وقال ابن جرير: اللمز باليد والعين واللسان والإشارة، والهمز لا يكون إلا باللسان. اهـ.
﴿وَلَا تَنَابَزُوا﴾ وتدعوا أنفسكم ﴿بِالْأَلْقَابِ﴾ السيئة؛ أي: لا يدع بعضكم بعضًا باللقلب الذي يسوؤه ويكرهه، كأن يقول لأخيه المسلم: يا فاسق يا منافق، أو يقول لمن أسلم: يا يهوديُّ أو يا نصرانيُّ، وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: التنابز بالألقاب: أن يكون الرجل قد عمل السيئات، ثمّ تاب وراجع الحق،
(١) البحر المحيط.