قبلها من الأمر باجتناب كثير من الظنّ، وهذا البعض هو ظنّ السوء بأهل الخير، والإثم: هو ما يستحق الظانَّ به العقوبة، قال الزجاج: هو أن يظنّ بأهل الخير سوءًا، فأمَّا أهل السوء والفسوق، فلنا أنّ نظنّ بهم مثل الذي ظهر منهم، قال مقاتل بن سلمان ومقاتل بن حيان: هو أن يظن بأخيه المسلم سوءًا، ولا بأس به ما لم يتكلم به، فإن تكلم بذلك الظن، وأبداه.. أثم.
قال سفيان الثوري: الظن ظنّان (١):
أحدهما: إثم: وهو أن يظنّ ويتكلم به.
والآخر: ليس بإثمٍ: وهو أن يظنّ ولا يتكلم به، وقيل: الظنُّ أنواع: واجبٌ ومأمورٌ به، وهو الظن الحسن بالله عَزَّ وَجَلَّ، ومنه: مندوب إليه، وهو الظنّ الحسن بالأخ المسلم الظاهر العدالة، ومنه: حرام محذور، وهو سوء الظن بالله عَزَّ وَجَلَّ، وسوء الظن بالأخ المسلم.
ودلت الآية على أنّ أكثر الظنون من قبيل الإثم؛ لأنّ الشيطان يلقي الظنون في النفس، فتظنّ النفس الظن الفاسد، ودلت أيضًا على أن بعض الظن ليس بإثم، بل هو حقيقة، وهو الذي لم يكن من قبيل النفس، بل كان بالفراسة الصحيحة بأن يرى القلب بنور اليقين ما جرى في الغيب فيظنه. اهـ من "الروح".
ثم لما أمرهم سبحانه باجتناب كثير من الظن.. نهاهم عن التجسس، فقال: ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا﴾؛ أي: ولا تبحثوا أيها المؤمنون عن عورات المسلمين ومعايبهم، نهى الله سبحانه عن البحث عن المستور من أمور الناس، وتتبع عوراتهم، حتى لا يظهر على ستره الله منها.
والمعنى (٢): أي ولا يتتبع بعضكم عورة بعض، ولا يبحث عن سرائره

(١) الخازن.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon