يبتغي بذلك الظهور على عيوبه، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره، وبه فاحمدوا، أو ذموا لا على ما لا تعلمون به من الخفايا.
وفي "الصحيحين": عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي - ﷺ - قال: "إياكم والظنّ، فإنّ الظنّ أكذب الحديث، ولا تجسّسوا، ولا تحسّسوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام.
وقرأ الجمهور: ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ بالجيم، وقرأ الحسن وأبو رجاء، وابن سيرين: ﴿تحسسوا﴾ بالحاء، وهما متقاربان؛ لأنَّ التجسس بالجيم: البحث عما يكتم عنك، والتحسس بالحاء: طلب الأخبار والبحث عنها، وقيل: (١) إن التجسس بالجيم: هو البحث، ومنه قيل: رجل جاسوس: إذا كان يبحث عن الأمور، وبالحاء ما أدركه الإنسان ببعض حواسه، وقيل: إنه بالحاء فيما يطلبه الإنسان لنفسه، وبالجيم أن يكون رسولًا لغيره. قاله ثعلب، والتناجش: الشراء على شراء غيرك بالزيادة، والتدابر: الهجر والقطيعة.
وعن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله - ﷺ -: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنّ من اتبع عوراتهم.. يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته.. يفضحه في عقر بيته".
وروى الطبراني عن حارثة بن النعمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: "ثلاث لازمات لأمتي: الطيرة والحسد وسوء الظن"، فقال رجل: وما يذهبن يا رسول الله ممن هن فيه؟ قال - ﷺ -: "إذا حسدت.. فاستغفر الله، فإذا ظننت فلا تحقّق، وإذا تطيرت.. فامض".
وقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: حرست ليلة مع عمر بن الخطاب بالمدينة، إذ تبيّن لنا سراج في بيت بابه مجاف على قوم لهم أصوات