له صاحبه". وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الغيبة إدام كلاب الناس.
وممّا يجب التنبيه عليه (١): أنّ مستمع الغيبة كقائلها، فوجب على من سمعها أن يردّها، كيف وقد قال النبيّ - ﷺ -: "من ردّ عن عرض أخيه.. ردّ الله عن وجهه النار يوم القيامة". وقال النبيّ - ﷺ -: "المغتاب والمستمتع شريكان في الإثم".
وفي الحديث: "خَمْسٌ يفطرن الصائم: الكذب والغيبة والنميمة واليمين الكاذبة والنظر بشهوة". رواه أنس. وأول من اغتاب إبليس، اغتاب آدم، وفي "المقاصد الحسنة": ثلاثة ليست لهم غيبة: الإِمام الجائر، والفاسق المعلن بفساقه، والمبتدع الذي يدعو إلى بدعته. انتهى. وعن الحسن: لا حرمة لفاجر.
١٣ - ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾؛ يعني: بني آدم ﴿إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى﴾؛ أي: من آدم وحواء عليهما السلام، أو خلقنا كل واحد منكم من أب وأم، فالكل سواء في الانتساب إلى ذكر وأنثى أيًّا كانا، فلا وجه للتفاخر بالنسب؛ أي: خلقناكم من ذكر واحد، وأنثى واحدة، فلا موضع للتفاخر بالإنساب؛ لأنّكم متساوون في الانتساب إليهما، قال إسحاق الموصلي:

النَّاسُ فِيْ عَالَمِ التَّمْثِيْلِ أَكْفَاءُ أَبُوْهُمُ آدَمٌ وَالأُمُّ حَوَّاءُ
فَإِنْ يَكُنْ لَهُمُوْ فِيْ أَصْلِهِمْ شَرَفٌ يُفَاخِرُوْنَ بِهِ فَالطِّيْنُ وَالْمَاءُ
نزلت هذه الآية حين أمر النبي - ﷺ - بلالًا رضي الله عنه ليؤذّن بعد فتح مكة، فعلا ظهر الكعبة، فأذّن، فقال عتَّاب بن أسيد، وكان من الطلقاء: الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم، وقال الحارث بن هشام: أما وجد رسول الله سوى هذا الغراب الأسود مؤذنا: يعني: بلالًا، وقيل: نزلت في غير ذلك، كما مرّ.
والمعنى: أي إنا أنشأنا جميعًا من آدم وحواء، فكيف يسخر بعضكم من
(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon