بعض، ويلمز بعضكم بعضًا، وأنتم إخوة في النسب، وبعيد أن يعيب الأخ أخاه أو يلمزه أو ينبزه، وروى الطبري قال: خطب رسول الله - ﷺ - بمنى في وسط أيام التشريق، وهو على بعير، فقال: "يا أيها الناس، ألا إنّ ربّكم واحد، وإنّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربيٍّ على عجميّ، ولا لعجميّ على عربيّ، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود، إلا بالتقوى، ألا هل بلغت؟ " قالوا: نعم، قال: "فليبلغ الشاهد الغائب".
وعن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله - ﷺ -: "إنّ الله لا ينظر إلى أحسابكم ولا إلى أنسابكم، ولا إلى أجسامكم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم، فمن كان له قلب صالح.. تحنن الله عليه، وإنما أنتم بنو آدم، وأحبكم إليه أتقاكم".
وفيه (١) إشارة إلى أنّ الكفاءة في الحقيقة إنما هي بالديانة؛ أي: الصلاح والحسب والتقوى والعدالة، ولو كان مبتدعًا، والمرأة سنيَّة.. لم يكن كفوءًا لها.
﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا﴾ جمع شعب بفتح الشين وسكون العين: وهو الجمع العظيم، المنتسبون إلى أصل واحد سموا شعوبًا؛ لتشعب القبائل منهم كتشعب أغصان الشجرة منها، وقيل لتشعبهم؛ أي: تجمعهم، وهي رؤوس القبائل، مثل: ربيعة ومضر، وأما الشعب بكسر الشين.. فهو الطريق في الجبل. ﴿وَقَبَائِلَ﴾: جمع قبيلة، سميت بها؛ لأنها يقبل بعضها على بعض من حيث كونها من أب واحد، وهي دون (٢) الشعوب: كبكر من ربيعة وتميم من مضر، ودون القبائل العمائر، واحدتها عمارة بفتح العين على الصحيح، كما في "القاموس". كشيبان من بكر، ودارم من تميم، ودون العمائر البطون، واحدتها بطن: وهم كبني غالب، ولؤي من قريش، ودون البطون الأفخاذ، واحدتها فخذ: وهم كبني هاشم، وبني أمية من لؤي، ودون الأفخاذ الفصائل، واحدتها فصيلة بالصاد
(٢) روح البيان.