المهملة: كبني العباس من بني هاشم، ثم بعد ذلك العشائر، واحدتها عشيرة، وليس بعد العشيرة شيء يوصف به، وكون الشعوب أعلى من القبائل هو ما عليه الجمهور، ويؤيده قول الشاعر:

قَبَائِلُ مِنْ شُعُوْبٍ لَيْسَ فِيْهِمْ كَرِيْمٌ قَدْ يُعَدُّ وَلَا نَجِيْبُ
وقيل: الشعوب للعجم، والقبائل للعرب، والأسباط من بني إسرائيل، وقيل: الشعوب الذين لا ينسبون إلى أحد، بل ينسبون إلى المدائن والقرى، والقبائل: العرب الذين ينتسبون إلى آبائهم.
و ﴿اللام﴾ في قوله: ﴿لِتَعَارَفُوا﴾ أي: ليعرف بعضكم بعضًا في قرب النسب وبعده، لا للتفاخر بالأنساب متعلقة بـ ﴿خَلَقْنَاكُمْ﴾؛ أي: خلقناكم كذلك ليعرف بعضكم بعضًا بحسب الأنساب، فلا يعزى أحد إلى غير آبائه، لا لتفاخروا بالآباء والقبائل، وتدعوا التفاوت والتفاضل في الأنساب، أو متعلقة بـ ﴿جعلنا﴾؛ أي: رتبناكم كذلك لتعارفوا.
وقرأ الجمهور (١): ﴿لِتَعَارَفُوا﴾: مضارع تعارف، محذوف التاء، أصله: لتتعارفوا، فحذفت إحدى التاءين، وقرأ الأعمش: بتاءين، وقرأ مجاهد وابن كثير في رواية، وابن محيص والبزي: بتشديدها؛ أي: بإدغام التاء في التاء، وابن عباس وأبان عن عاصم: ﴿لتعرفوا﴾ مضارع عرف الثلاثيّ.
وقوله: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾: تعليل (٢) للنهي عن التفاخر بالأنساب، المستفاد من الكلام بطريق الاستئناف التحقيقي، كأنه قيل: إنّ الأكرم عنده تعالى هو الأتقى، وإن كان عبدًا حبشيًا أسود، مثل: بلال رضي الله عنه فإن فاخرتم.. ففاخروا بالتقوى؛ أي: إنَّ الأكرم عند الله الأرفع منزلة لديه عَزَّ وَجَلَّ في الآخرة والدنيا، هو الأتقى، فإن فاخرتم.. ففاخروا بالتقوى، فمن رام نيل الدرجات العلا في الدنيا والآخرة.. فعليه بها، فمن تلبس بها.. فهو المستحق؛ لأن يكون أكرم ممن لم يتلبس بها وأشرف وأفضل فدعوا ما أنتم فيه من التفاخر
(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon