لإبراهيم: ﴿أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، ومنه: ما هو انقياد باللسان دون القلب، وذلك قوله: ﴿وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾، وقيل: الإيمان: هو التصديق بالقلب مع الثقة، وطمأنينة النفس عليه، والإِسلام: هو الدخول في السلم، والخروج من أن يكون حربًا للمسلمين، مع إظهار الشهادتين.
فإن قلت: المؤمن والمسلم واحد عند أهل السنة، فكيف يفهم ذلك مع هذا القول؟
قلت: بين العام والخاص فرق، فالإيمان لا يحصل إلا بالقلب، والانقياد قد يحصل بالقلب، وقد يحصل باللسان، فالإِسلام أعمّ، والإيمان أخصّ، لكن العام في صورة الخاص متحد مع الخاص، ولا يكون أمرًا غيره، فالعام والخاص مختلفان في العموم والخصوص، متحدان في الوجود، فكذلك المؤمن والمسلم، قال الزجاج: الإِسلام: إظهار الخضوع، وقبول ما أتى به النبي - ﷺ -، وبذلك يحقن الدم، فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب.. فذلك هو الإيمان، وصاحبه المؤمن. اهـ.
﴿وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ ظاهرًا وباطنًا، سرًّا وعلانية، وتخلصوا له في العمل، وتتركوا النفاق ﴿لَا يَلِتْكُمْ﴾؛ أي: لا ينقصكم ﴿مِن﴾ أجور ﴿أَعْمَالِكُمْ﴾ وثوابها ﴿شَيْئًا﴾ من النقص، لا قليلًا ولا كثيرًا، بل يضاعف ذلك أضعافًا كثيرةً، من لات يليت ليتًا من باب باع: إذا نقص، قال الإِمام (١): معنى قوله: ﴿لَا يَلِتْكُمْ﴾: إنكم إن أتيتم بما يليق بضعفكم من الحسنة المقرونة بالإخلاص، وترك النفاق.. فهو تعالى يؤتكم بما يليق بفضله من الجزاء، لا ينقص منه نظرًا إلى ما في حسناتكم من النقصان والتقصير، وهذا لأن من حمل إلى ملك فاكهةً طيّبةً، يكون ثمنها في السوق درهمًا مثلًا، وأعطاه الملك درهمًا أو دينارًا.. انتسب الملك إلى قلة العطاء بل إلى البخل، فليس معنى الآية: أن يعطي من الجزاء مثل عملكم من غير نقص، بل المعنى: يعطي ما تتوقعون بأعمالكم من غير نقص،

(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon