يقع منهم إلا اللمم من صغائر الذنوب الفينة بعد الفينة، ويتوبون منه، ولا يصرون عليه. ثم حذر عباده بأنه لا تخفي عليه خافية من أمورهم من لحظة أن كانوا أجنة في بطون أمهاتهم إلى أن يموتوا. فيعلم المطيع من العاصي. فلا حاجة للعبد إذًا إلى مدح نفسه بفعل الطاعات، واجتناب السيئات.
أسباب النزول
قوله تعالى (١): ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه الواحدي، والطبراني، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ثابت بن الحارث الأنصاري قال: كانت اليهود تقول إذا هلك لهم صبيٌّ صغيرٌ: هو صدِّيقٌ. فبلغ ذلك النبيَّ - ﷺ -، فقال: "كذبت اليهود، ما من نسمة يخلقه الله سبحانه في بطن أمه، إلا ويعلم أنه شقي أو سعيد". فأنزل الله عند ذلك هذه الآية: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ...﴾ الآية.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿وَالنَّجْمِ﴾ أي: أقسم لكم أيها المشركون بالنجم. ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١)﴾ وسقط للغروب. والتعريف فيه (٢) للجنس. والمراد به: جنس النجوم، وبه قال جماعة من المفسرين. وقيل: المراد به: الثريا. وهو اسم غلب فيها. تقول العرب: النجم، وتريد به الثريا، وبه قال مجاهد، وغيره. والثريا (٣) سبعة كواكب، ولا يكاد يرى السابع منها لخفائه.
وفي الحقيقة إنها اثنا عشر كوكبًا. وكان رسول الله - ﷺ - يراها كلها بالقوة التي جعلها الله سبحانه في بصره. وقال في "عين المعاني": وهي سبعة أنجم ظاهرة، والسابع تمتحن به الأبصار، وكانت قريش تجلها، وتقول: أحسن النجم في السماء الثريا. والثريا في الأرض زين السماء، وكانت رحلتاها عند طلوعها وسقوطها. فإذا طلعت بالغداة عدُّوها من الصيف، وإذا طلعت بالعشي عدوها من الشتاء، وقال السدي (٤): النجم هنا: هو الزهرة. لأنَّ قومًا من العرب كانوا يعبدونها. وقيل:

(١) لباب النقول.
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.
(٤) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon