النجم هنا: النبت الذي لا ساق له، كما في قوله: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (٦)﴾، قاله الأخفش. وقيل: النجم محمد - ﷺ -.
وقيل: النجم القرآن، وسمي نجمًا لكونه نزل منجمًا مفرقًا، والعرب تسمي التفريق تنجيمًا، والمفرق المنجم، وبه قال مجاهد، والفرّاء، وغيرهما، والأول أولى، قال الحسن: المراد بالنجم: النجوم، إذا سقطت يوم القيامة. وقيل: المراد بها: النجوم التي ترجم بها الشياطين. ومعنى هويه: سقوطه من علو إلى سفل. يقال: هوى النجم يهوى هويًّا، إذا سقط من علو إلى سفل. وقيل: غروبه. وقيل: طلوعه. والأوَّل أولى. وبه قال الأصمعيّ، وغيره. ومعنى الهويِّ على قول من فسَّر النجم بالقرآن: أنه نزل من أعلى إلى أسفل. وأما على قول من قال: إنه النبت الذي لا ساق له، أو إنه محمد - ﷺ -، فلا يظهر للهوي معنى صحيح.
وهذا القسم (١) جريًا على عادة العرب فإنها تقسم بكل ما تستعظمه، وتريد إظهار تعظيمه. وقيل: كل موضع أقسم فيه الرب بمخلوق، فالرب فيه مضمر كقوله: ﴿وَالنَّجْمِ﴾، ﴿وَالذَّارِيَاتِ﴾؛ أي: ورب النجم، ورب الذاريات، وأشباه ذلك. والعامل في ﴿إِذَا﴾ هو فعل القسم المقدر؛ أي: أقسم. فإنه بمعنى مطلق الوقت، منسلخ عن معنى الاستقبال، كما في قولك: أتيتك إذا احمر البُسْر. فلا يلزم عمل فعل الحال في المستقبل. يعني: إن فعل القسم إنشاء، والإنشاء حال، و ﴿إذا﴾ لما يستقبل من الزمان، فيكون المعنى: أقسم الآن بالنجم وقت هوى بعد هذا الزمان.
ثم إن الله سبحانه أقسم بالنجم حين هوى؛ أي: وقت هويه؛ لأن شأنه أن يهتدي به الساري إلى مسالك الدنيا. كأنّه قيل: والنجم الذي يهتدي به السابلة في البر، والجارية في البحر إلى سواء السبيل.
٢ - ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ﴾ أيها المشركون محمد - ﷺ -. وهو جواب القسم؛ أي: ما عدل، ولا مال في أقواله وأفعاله عن طريق الحق الذي هو مسلك الآخرة. وهذا دليل على أن قوله: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا﴾ ليس من ضلال الغي. فإنه - ﷺ - قبل الوحي، وبعده لم يزل يعبد ربه، ويوحده، ويتوقى مستقبحات الأمور. وفيه (٢) بيان فضل
(٢) روح البيان.