وجماعة، وهو المشهور عن ابن مسعود، وإليه ذهب جماعة من المحدثين والمتكلمين.
وروي عن ابن عباس: أنه رآه بعينه، ومثله عن أبي ذر، وكعب، والحسن، وكان يحلف على ذلك. وحكي مثله عن ابن مسعود، وأبي هريرة، وأحمد بن حنبل.
وحكى أصحاب المقالات عن أبي الحسن الأشعري، وجماعة من أصحابه: أنه رآه. ووقف بعض مشايخنا في هذا، وقال: ليس عليه دليل واضح، ولكنه جائز. ورؤية الله عز وجل في الدنيا جائزة. وسؤال موسى إياها دليل على جوازها. إذ لا يجهل نبي ما يجوز أو يمتنع على ربه.
واختلفوا في أن نبينا - ﷺ - هل كلم ربه ليلة الإسراء بغير واسطة أم لا؟. فحكي عن الأشعري، وقوم من المتكلمين أنه كلمه. وعزا بعضهم هذا القول إلى جعفر بن محمد، وابن مسعود، وابن عباس. وكذا اختلفوا في قوله: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨)﴾. فالأكثر على أن معنى هذا الدنو والتدلي منقسم بين جبريل والنبي - ﷺ -، أو مختص بأحدهما من الآخر، أو من سدرة المنتهى. وذكر ابن عباس، والحسن، ومحمد بن كعب، وجعفر بن محمد، وغيرهم أنه دنو من النبي - ﷺ - إلى ربه، أو من الله. فعلى هذا القول يكون الدنو والتدلي متأولًا ليس على وجهه، بل كما قال جعفر بن محمد: الدنو من الله لا حد له، ومن العباد بالحدود. فيكون معنى دنو النبي - ﷺ - وقربه منه ظهور عظيم منزلته لديه، وإشراق أنوار معرفته عليه، وإطلاعه من غيبه، وأسرار ملكوته على ما لم يطلع عليه سواه. والدنو من الله تعالى له إظهار ذلك، وعظيم بره وفضله لديه. ويكون قوله تعالى: ﴿قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ هنا عبارة عن لطف المحل، وإيضاح المعرفة، والإشراف على الحقيقة من نبينا محمد - ﷺ -، ومن الله تعالى إجابة الرغبة، وإنابة المنزلة. هذا آخر كلام القاضي عياض.
قال الشيخ محيي الدين النواوي: وأما صاحب "التحرير"، فإنه اختار إثبات الرؤية قال: والحجج في المسألة وإن كانت كثيرة، ولكن لا نتمسك إلا بالأقوى منها. وهو حديث ابن عباس: "أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد - ﷺ - وعليهم أجمعين". وعن عكرمة قال: سئل ابن عباس