آلهة، فقال: ﴿إِنْ هِيَ﴾ الضمير للأصنام، أي: ما هذه الأصنام باعتبار الألوهية التي تدعونها؛ أي: باعتبار إطلاق اسم الإله ﴿إِلَّا أَسْمَاءٌ﴾؛ أي: أسماء محضة ليس تحتها مسميات؛ أي: ما تنبىء هي عنه من معنى الألوهية، ليس بشيء ما أصلًا. كما إذا أردت أن تحقر من هو ملقب بما يشعر بالمدح، وفخامة الشأن تقول: ما هو إلا اسم.
﴿سَمَّيْتُمُوهَا﴾ صفة لأسماء (١)، وضمير "ها" لها، للأصنام. والمعنى: جعلتموها أسماء، لا جعلتم لها أسماء. فإن التسمية نسبة بين الاسم والمسمى. فإذا قيست إلى الاسم فمعناها: جعله اسمًا للمسمى، وإذا قيست إلى المسمى فمعناها: جعله مسمى للاسم. وإنما اختير هنا المعنى الأول من غير تعرض للمسمى لتحقيق أن تلك الأصنام التي يسمونها آلهة أسماء مجردة، ليس لها مسميات قطعًا كما في قوله تعالى: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا﴾ لا أنَّ هناك مسميات، لكنها لا تستحق التسمية، أي: ما هي إلا أسماء خالية من المسميات وضعتموها. ﴿أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ﴾ بمقتضى أهوائكم الباطلة، ليس فيها شيء من معنى الألوهية التي تدعونها. لأنها لا تبصر، ولا تسمع، ولا تعقل، ولا تفهم، ولا تضر، ولا تنفع. فليست إلا مجرد أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم قلد الآخر فيها الأول، وتبع في ذلك الأبناء الآباء. ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا﴾ أي: بصحة تسميتها ﴿مِنْ سُلْطَانٍ﴾؛ أي: برهان تتعلقون به، ولا حجة. في جميع القرآن ﴿أَنْزَلَ﴾ بالألف، إلا في الأعراف، فإنه نزل بالتشديد.
والمعنى (٢): أن هذه الأسماء التي تسمونها آلهة هي أسماء فقط، وليس لها مسميات هي آلهة البتة كما تزعمون، وتعتقدون أنها تستحق أن يعكف على عبادتها، وتقديم القرابين إليها. وليس لكم من حجة ولا برهان تؤيدون به ما تقولون. وإنما قلد فيها الآخر الأول، وتبع في ذلك الابناء الآباء. ولا يخفي ما في ذلك من التحقير، كما تقول: ما هو إلا اسم إذا لم يكن مشتملًا على صفة معتبرة لها شأن، وقدر.
(٢) المراغي.