أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)﴾ سبب نزول هذه الآية (١): ما أخرجه الشيخان، والحاكم، واللفظ له عن ابن مسعود قال: رأيت القمر منشقًّا شقين بمكة قبل مخرج النبيّ - ﷺ - فقالوا: سحر القمر، فنزلت ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)﴾.
وأخرج الترمذي عن أنس قال: سأل أهل مكة النبي - ﷺ - آيةً، فانشق القمر بمكة مرتين. فنزلت: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)﴾ إلى قوله: ﴿سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾؛ أي: (٢) دنت القيامة، وقرب قيامها ووقوعها؛ لأنه ما بقي من الدنيا إلا قليل، كما قال - ﷺ -: "إنَّ الله جعل الدنيا كلها قليلًا، فما بقي منها قليل من قليل، ومثل ما بقي مثل الثغب - أي: الغدير - شرب صفوه، وبقي كدره". فالاقتراب يدل على مضي الأكثر، ويمضي الأقل كما مضى الأكثر.
والساعة جزء من أجزاء الزمان، عبر بها عن القيامة تشبيهًا لها بذلك لسرعة حسابها، أو لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا، أو لأنَّها ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم، أو لغير ذلك. والحكمة في ذكر اقتراب الساعة تحذير المكلف، وحثه على الطاعة تنبيهًا لعباده على أن الساعة من أعظم الأمور الكونية على خلقه من أهل السموات والأرض. وأما تعيين وقت الساعة: فقد انفرد الحق سبحانه بعلمه، وأخفاه عن عباده؛ لأنه أصلح لهم، ولذا كان كل نبي قد أنذر أمته الدجال.
يقول الفقير: فإن قلت: فكم عمر الدنيا بأسرها، وما قول العلماء فيه؟
قلت: اتفقوا على حدوث الدنيا، وما قطعوا بشيء في مدتها.
﴿وَ﴾ قد ﴿انْشَقَّ الْقَمَرُ﴾؛ أي: انفصل بعضه من بعض معجزة له - ﷺ -. ودلت
(٢) روح البيان.