والخلاصة (١): أي وكل شيء ينتهي إلى غاية تشاكله، فأمرهم سينتهي إلى الخذلان في الدنيا، والعذاب الدائم في الآخرة. وأمرك سينتهي إلى النصر في الدنيا، والجنة في الآخرة. وهذه قاعدة عامّة تنضوي تحتها حركات الكواكب، والأفلاك، ونظم العمران، وأعمال الأفراد والأمم.
وقصارى ذلك: أن أمر محمد - ﷺ - سيصل إلى غاية يتبين عندها أنه الحق، وأنَّ ما سواه هو الباطل. فقد جرت سنة الله بأن الحق يثبت والباطل يزهق بحسب ما وضعه، في نظم الخليقة: البقاء للأصلح.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿مُسْتَقِرٌّ﴾ بكسر القاف. وهو مرتفع على أنه خبر المبتدأ. وهو كل. وقرأ أبو جعفر. وزيد بن علي بجر ﴿مُسْتَقِرٍ﴾ على أنه صفة للأمر. وقرأ شيبة بفتح القاف، ورويت هذه القراءة عن نافع. قال أبو حاتم: ولا وجه لها. وقيل: لها وجه بتقدير مضاف محذوف؛ أي: وكل أمر ذو استقرار أو ذو زمان استقرار، أو ذو مكان استقرار على أنه مصدر أو ظرف زمان، أو ظرف مكان.
٤ - ثمّ ذكر أنهم في ضلال بعيد. فإنَّ ما جاء في القرآن من أخبار الماضين قد كان فيه مزدجر لهم لو كانوا يعقلون، فقال: ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ﴾؛ أي: وعزّتي وجلالي.. لقد جاء أهل مكة، أو الكفار على العموم في القرآن ﴿مِنَ الْأَنْبَاءِ﴾؛ أي: من أنباء القرون الخالية، أو أنباء الآخرة، وما وصف من عذاب الكفّار. فالألف واللام (٣) عوض عن المضاف إليه، و ﴿من﴾ للتبعيض. وهو حال مما بعده.
﴿مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ﴾؛ أي: ازدجار وارتداع من تعذيب إن أريد بالأنباء: أنباء القرون الخالية، أو وعيد إن أريد أنباء الآخرة على أنه مصدر ميمي. ويجوز أن يكون اسم مكان؛ أي: جاءهم ما فيه موضع ازدجارٌ على أنّ ﴿في﴾ تجريدية؛ أي: أنه في نفسه موضع ازدجار، ومظنّة له كقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾؛ أي: هو في نفسه أسوة حسنة. وقرىء (٤) ﴿مزّجر﴾ بإبدال تاء الافتعال زايًا وإدغام الزاي فيها. وقرأ زيد بن عليّ ﴿مزجر﴾ اسم فاعل من أزجر؛
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.
(٤) البحر المحيط.