وكلاهما بمعني المنكر؛ أي: إلى شيء منكر فظيع، تنكره النفوس لعدم العهد بمثله. وهو هول يوم القيامة. ومنه: منكر ونكير لفتاني القبر؛ لأنه لم يعهد عند الميت مثلهما.
وقد جرت العادة أن من ينصح شخصًا لا يؤثر فيه النصح أن يعرض عنه، ويقول لغيره ما فيه نصح للمعرض عنه، وهدايته، وإرشاده لو أراد. وقرأ الجمهور (١) ﴿نُكُرٍ﴾ بضم الكاف. وهو صفة على فعل. وهو قليل في الصفات. ومنه: رجل شلل أي: خفيف في الحاجة، وناقة أحد، ومشية سجح، وروضة أنف. وقرأ الحسن، وابن كثير، وشبل بإسكان الكاف، كما قالوا: شغل وشغل، وعسر وعسر. وقرأ مجاهد، وأبو قلابة، والجحدري، وزيد بن عليّ ﴿نُكِرَ﴾ فعلًا ماضيًا مبنيًا للمفعول؛ أي: جهل فنكر.
٧ - ثم ذكر حال الكافرين في ذلك اليوم، فقال: ﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ﴾ حال من فاعل ﴿يَخْرُجُونَ﴾ والتقديم؛ لأن العامل فعل متصرف. وفيه دليل عى بطلان مذهب الجرمي؛ لأنه لا يجوز تقدم الحال على الفعل، وإن كان متصرفًا. ﴿مِنَ الْأَجْدَاثِ﴾ جمع جدث، محركًا. هو القبر، أي: يخرجون من قبورهم حال كونهم أذلة أبصارهم من شدة الهول، خاضعة عند رؤية العذاب. والخشوع (٢): الضراعة، وأكثر ما يستعمل فيما يوجد في الجوارح. والضراعة أكثر ما تستعمل فيما يوجد في القلب. كما روي: إذا ضرع القلب.. خشعت الجوارح. وخصَّ الأبصار بالخشوع؛ لأنّه فيها أظهر منه في سائر الجوارح وكذلك سائر ما في نفس الإنسان من حياء أو خوف ونحوه إنما يظهر في البصر.
وقرأ الجمهور (٣): ﴿خُشَّعًا﴾ جمع تكسير. وابن عباس، وابن جبير، ومجاهد والجحدري، وأبو عمرو، وحمزة والكسائي ﴿خاشعًا﴾ بالإفراد. وقرأ أبي، وابن مسعود "خاشعة". وجحع التكسير أكثر في كلام العرب. وقال الفراء، وأبو عبيدة: كله جائز، انتهى. وقرىء "خُشَّعٌ أبصارُهم" وهي جملة في موضع الحال و"خشع" خبر مقدم.

(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon