بالحركات الثلاث في الحاء على التخيير. وقرأ حنظلة بن نعمان، ﴿ونَحسِ﴾ بفتح النون وكسر السين. وقرأ الحسن، وإسماعيل ﴿ونُحُسٌ﴾ بضمتين والكسر.
والنحاس (١): الصفر المذاب، يصب على رؤوسهم، قاله مجاهد، وقتادة، وغيرهما، وقال سعيد بن جبير: هو الدخان الذي لا لهب له، وبه قال الخليل، وقال الضحاك: هو درديُّ الزيت المغلي، وقال الكسائي: هو النار التي لها ريح شديدة، وقيل: هو المهل.
٣٦ - ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾؛ أي: فبأيّ هذه النعم ﴿تُكَذِّبَانِ﴾ فإن التهديد لطف. والتمييز بين المطيع والعاصي بالإنعام على الأول، والانتقام من الثاني من أجل نعم الإله القادر على جزاء عباده.
٣٧ - ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ﴾؛ أي: انصدعت يوم القيامة، وانفك بعضها من بعض لقيام الساعة أو انفرجت، فصارت أبوابًا لنزول الملائكة، كقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (٢٥)﴾ ﴿فَكَانَتْ وَرْدَةً﴾؛ أي: صارت كوررة حمراء في اللون، وهي الزهرة المعروفة التي تشم، والغالب على الوردة الحمرة، قال الماوردي: وزعم المتقدمون أن أصل لون السماء الحمرة، وأنها لكثرة الحوائل، وبعد المسافة ترى بهذا اللون الأزرق. ﴿كَالدِّهَانِ﴾ خبر ثان لكانت، أي (٢): كدهن الزيت، فكانت في حمرة الوردة، وفي جريان الدهن؛ أي: تذوب، وتجري كذوبان الدهن وجريه، فتصير حمراء من حرارة جهنم، وتصير مثل الدهن في رقته، وذوبانه. وهو إما جمع دهن أو اسم لما يدهن به كالإدام لما يؤتدم به. وجواب إذا محذوف؛ أي: يكون من الأحوال والأهوال ما لا يحيط به دائرة المقال. قال سعدي المفتي: ناصب إذا محذوف؛ أي: كان ما كان من الأمر الهائل الذي لا يحيط به نطاق العبارة، أو رأيت أمرًا عظيمًا هائلًا. وبهذا الاعتبار تتسبب هذه الجملة عما قبلها؛ لأن إرسال الواظ يكون سببًا لحدوث الأمر الهائل أو رؤيته في ذلك الوقت.
٣٨ - ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ مع عظم شأنها؛ فإن من جملتها ما في هذا
(٢) روح البيان.