قلت: المذكور في هذه الآيات مواعظ، وزواجر، وتخويف. وكل ذلك نعمة من الله تعالى، لأنها تزجر العبد عن المعاصي، فصارت نعمًا. فحسن ختم كل آية منها بقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
وقرأ عليٌّ، والسلميّ (١): ﴿يطافون﴾. والأعمش، وطلحة، وابن مقسم ﴿يُطوِّفون﴾ بضم الياء، وفتح الطاء، وكسر ﴿الواو﴾ مشدّدة. وقرىء ﴿يطوفون﴾ أصله: يتطوفون. وقرأ الجمهور ﴿يَطُوفُونَ﴾ مضارع طاف الثلاثي.
الإعراب
﴿الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (٦) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (٨)﴾.
﴿الرَّحْمَنُ (١)﴾ مبتدأ، وجملة ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢)﴾ خبره. وقد تعددت الأخبار في الأفعال التي وردت خالية من العاطف على نمط التعديد وإقامة الحجة على الكافرين. وهذا عند من لا يرى ﴿الرَّحْمَنُ (١)﴾ آية. ومن عدّها آية أعرب ﴿الرَّحْمَنُ (١)﴾ خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: الله الرحمن أو مبتدأ خبره محذوف؛ أي. الرحمن ربّنا. و ﴿عَلَّمَ﴾ يتعدّى إلى مفعولين، حذف أولهما لشموله؛ أي: علم من يتعلم. وهذا أولى من تخصيص المفعول الأول المحذوف بواحد معين. ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣)﴾ فعل ماض، وفاعل مستتر، ومفعول به، والجملة معطوفة بعاطف مقدر على جملة ﴿عَلَّمَ﴾، على كونها خبر المبتدأ. ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤)﴾ فعل، وفاعل مستتر، ومفعولان، معطوف على جملة ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣)﴾. ﴿الشَّمْسُ﴾ مبتدأ، ﴿وَالْقَمَرُ﴾ معطوف عليه، ﴿بِحُسْبَانٍ﴾ خبر المبتدأ. والجملة معطوفة على جملة قوله: ﴿الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢)﴾. ﴿وَالنَّجْمُ﴾ الواو: عاطفة، ﴿النَّجْمُ﴾ مبتدأ، ﴿وَالشَّجَرُ﴾ معطوف عليه، وجملة ﴿يَسْجُدَانِ﴾ خبر المبتدأ، وما عطف إليه. والجملة معطوفة على جملة ﴿الرَّحْمَنُ﴾. ﴿وَالسَّمَاءَ﴾ منصوب على الاشتغال بفعل محذوف وجوبًا يفسّره المذكور بعد، أي: ورفع السماء.

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon