الله، وأنه عليم بسره ونجواه، فتركها مخافة عقابه وشديد حسابه، فعل الخير وأحب الخير للناس.
﴿جَنَّتَانِ﴾ جنة روحية تصل به إلى حظيرة القدس، وجمال الملكوت، ورضا الله عنه ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾. وجنة جسمانية بمقدار ما عمل في الدنيا من خير، وقدم من صالح عمل.
٤٧ - ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٧)﴾؛ أي: بأي نعم ربكما أيها الثقلان تنكران، فإثابته المحسن منكم بما وصف، وعقابه العاصي بما عاقب من النعم العظمى والمنن الكبرى.
واختلف في الجنتين (١)، فقال مقاتل: يعني: جنّة عدن، وجنّة النعيم. وقيل: إحداهما التي خلقت له، والأخرى التي ورثها. وقيل: إحداهما: منزله، والأخرى: منزل أزواجه. وقيل: إحداهما: أسافل القصور، والأخرى: أعاليها. وقيل: جنة للخائف الإنسي، وجنة للخائف الجني على طريق التوزيع. فإن الخطاب للفريقين، والمعنى: لكل خائفين منكما جنة.
وفيه (٢) نظر لقوله - ﷺ -: "إنَّ مؤمني الجن لهم ثواب، وعليهم عقاب، وليسوا من أهل الجنة مع أمة محمد، هم على الأعراف حائط الجنة، تجري فيه الأنهار، وتنبت فيه الأشجار والثمار". يقول الفقير: قد سبق في أواخر الأحقاف أن المذهب أن الجن في حكم بني آدم ثوابًا وعقابًا؛ لأنهم مكلفون مثلهم، وإن لم نعلم كيفية ثوابهم. فارجع إلى التفصيل في تلك السورة. وقيل: جنة لعقيدته التي يعتقدها، وأخرى لعمله الذي يعمله. أو جنة لفعل الطاعات، وأخرى لترك المعاصي. أو جنة يثاب بها، وأخرى يتفضل بها عليه. وهذا ما جاء مثنى بعد. وقال الفراء: إنما هي جنة واحدة، والتثنية لأجل موافقة رؤوس الآي. قال النحاس: وهذا القول من أعظم الغلط على كتاب الله تعالى. فإن الله يقول: ﴿جَنَّتَانِ﴾ ويصفهما بقوله: ﴿فِيهِمَا﴾ إلخ.
٤٨ - ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (٤٨)﴾ صفة لجنتان (٣)، وما بينهما اعتراض وسط تنبيهًا على أن
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.