يشتهون، وفيه يرغبون، وفي "الأسئلة المقحمة": إنما قال: ﴿أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢)﴾ فغاير بين اللفطين. فالجواب: لأنَّ الفواكه كما تكون للأكل تكون أيضًا للنظر والشم، وأما لحم الطير فمختلف الشهوات في أكل بعض أجزائه دون بعض.
٢٢ - وبعد أن ذكر طعامهم، وشرابهم أعقبه بذكر نسائهم. لأنَّ الجماع كان أشهى شيء بعدهما. فقال: ﴿وَ﴾ لهم فيها ﴿حُورٌ عِينٌ﴾ معطوف (١) على ﴿وِلْدَانٌ﴾، أو مبتدأ محذوف الخبر؛ أي: وفيها أو لهم حور. وهي جمع حوراء، وهي البيضاء أو الشديدة بياض العين، والشديدة سوادها. وعين جمع عيناء، وهي الواسعة الحسنة العين، وهن خلقن من تسبيح الملائكة، كما في "عين المعاني".
والمعنى: أي ولهم فيها نساء بيض، واسعات الأعين، مشرقات الوجوه، تبدو علهين نضرة النعيم. وكأنهن اللالىء صفاء وبهجة. وقرأ الجمهور ﴿وَحُورٌ عِينٌ (٢٢)﴾ برفعهما، وخرج على أن يكون معطوفًا على ﴿وِلْدَانٌ﴾ أو على الضمير المستكن في ﴿مُتَّكِئِينَ﴾ أو على مبتدأ محذوف هو وخبره، تقديره: لهم هذا كله، وحور عين أو على حذف خبر فقط؛ أي: ولهم حور أو فيها حور. وقرأ السلميّ، والحسن، وعمرو بن عبيد، وأبو جعفر، وشيبة، والأعمش، وطلحة، والمفضل وأبان، وعصمة، والكسائي بجرهما. والنخعيّ ﴿وحير عين﴾ بقلب الواو ياء، وجرهما. والجر عطف على المجرور، أي: يطوف عليهم ولدان بكذا، وكذا، وحور عين. وقيل: هو على معنى: وينعمون بهذا كله، وبحور عين. وقال: الزمخشري: عطفًا على ﴿جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾. كأنه قال: هم في جنات، وفاكهة، ولحم، وحور. انتهى. وهذا فيه بعد وتفكيك كلام مرتبط بعضه ببعض. وهو فهم أعجمي. وقرأ أبي، وعبد الله ﴿وحورً عينًا﴾ بنصهما. قالوا، على معنى: ويعطون هذا كله، وحورا عينًا. وقرأ قتادة ﴿وحور عينٍ﴾ بالرفع مضافًا إلى ﴿عين﴾. وابن مقسم بالنصب مضافًا إلى ﴿عين﴾. وعكرمة ﴿وحوراء عيناء﴾ على التوحيد، اسم جنس، وبفتح الهمزة فيهما. فاحتمل أن يكون مجرورًا عطفًا على المجرور السابق، واحتمل أن يكون منصوبًا كقراءة أبي، وعبد الله ﴿وحورًا عينًا﴾ ورجح أبو عبيد، وأبو حاتم

(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon