٣٨ - وقوله: ﴿لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (٣٨)﴾ أعاد ذكره للتأكيد والتحقيق. وهو متعلق (١) بـ ﴿أَنْشَأْنَاهُنَّ﴾ أو بـ ﴿جعلنا﴾ أو بـ ﴿أَتْرَابًا﴾.
والمعنى: أنَّ الله سبحانه أنشأهنّ لأجلهم أو خلقهن لأجلهم أو هن مساويات لأصحاب اليمين في السن، أو هو خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هن لأصحاب اليمين.
٣٩ - وقوله: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)﴾ راجع إلى قوله: ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧)﴾. وهو خبر مبتدأ محذوف.
والمعنى: هم - أي: أصحاب اليمين - جماعة، أو أمة أو فرقة، أو قطعة من الأوّلين، أي: من الأمم السالفة من لدن آدم إلى نبيّنا محمد - ﷺ -، وجماعة أو أمّة أو فرقة أو قطعة من الآخرين؛ أي: من أمة محمد - ﷺ -.
وقال أبو العالية، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح، والضحاك: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩)﴾؛ أي: من سابقي هذه الأمّة،
٤٠ - ﴿وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)﴾ أي: من أخرى هذه الأمة. وفي الحديث (٢): "هم جميعًا من أمتي"؛ أي: الثلتان من أمتي. فعلى هذا التابعون بإحسان، ومن جرى مجراهم ثلة أولى. وسائر الأمة ثلة أخرى إلى آخر الزمان. وإنما لم يقل في حق هؤلاء: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ كما قال ذلك في حقّ السابقين إشارة إلى أن عملهم لقصوره عن عمل السابقين لم يعتبر اعتباره.
وحاصل معنى الآيات (٣): هم - أي: أصحاب اليمين - يتمتعون بجنات فيها السدر الذين قطع شوكه، لا كسدر البرية في الدنيا، وفيها الموز الذي مليء ثمرًا، فلا تظهر له سيقان، وفيها ظل ظليل يقيهم شديد الحر، ووهج الشمس، وفيها ماء مصبوب لا يحتاج أهلها إلى نصب وتعب للحصول عليه، وفيها ضروب من الفاكهة التي لا تنقطع أبدًا، ولا تمتنع عنهم في وقت، فهم يجدونها متى شاؤوا، وهم يجلسون على فرش وثيرة عالية وطيئة، لا تتعب الجالس عليها.
ثم ذكر ما يتمتعون به من النساء، فقال: إنا أعددناهن نساء أبكارًا متحببات
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.