إلى أزواجهن، إذ هن يحسن التبعل كلهن في سن واحدة، لا تمتاز واحدة عن أخرى، وأعطيناهن لأصحاب اليمين جماعة من مؤمني الأمم السالفة، وجماعة من مؤمني أمة محمد - ﷺ -.
٤١ - ولما فرغ الله سبحانه مما أعده لأصحاب اليمين.. شرع في ذكر أصحاب الشمال، وما أعده لهم. فقال: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ﴾ وهم الكفار لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠)﴾. وهو مبتدأ، خبره جملة قوله: ﴿مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ﴾ والاستفهام فيه للإنكار؛ أي: لا تدري ما لهم من الشر، وشدة الحال يوم القيامة.
٤٢ - هم ﴿فِي سَمُومٍ﴾؛ أي: في حر نار تنفذ في المسام. وهي ثقب البدن؛ وتحرق الأجساد والأكباد. وهو إما خبر ثان لأصحاب الشمال أو خبر مبتدأ محذوف. وفي "القاموس": السموم: الريح الحارة التي تدخل في مسام البدن، وتكون غالبًا في النهار. والحرور: الريح الحارة بالليل، وقد تكون بالنهار. انتهى ﴿وَ﴾ في ﴿حَمِيمٍ﴾؛ أي: في ماء حار بالغ نهاية الحرارة.
٤٣ - ﴿و﴾ في ﴿ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ﴾؛ أي: من دخان أسود بهيم. فإن اليحموم: الدخان، والأسود من كل شيء كما في "القاموس". وهو يفعول من الحمة بالضم. وهو الفحم أو من الأحم وهو الأسود، كما سيأتي. تقول العرب: أسود يحموم إذا كان شديد السواد. قال الضحاك: النار سوداء، وأهلها سود، وكل شيء فيها أسود. ولذا لا يكون في الجنة الأسود إلا الخال؛ وأشفار العين، والحاجب.
والمعنى: أنهم يفزعون إلى الظل، فيجدونه ظلًا من دخان جهنم شديد السواد.
يقول الفقير (١): ففيه تحذير من شرب الدخان الشائع في هذه الأعصار. فإنه يرتفع حين شربه، ويكون كالظل فوق شاربه مع ما لشربه من الغوائل الكثيرة ليس هذا موضع ذكرها، فنسأل الله العافية لمن ابتلي به. إذ هو مما تستخبثه الطباع السليمة، وهو حرام كما عليه أكثر العلماء، إلا من شذَّ وعاند.
٤٤ - ثم وصف هذا الظل بقوله: ﴿لَا بَارِدٍ﴾ كسائر الظلال التي تكون باردة، بل هو

(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon