بعينه. قال في "القاموس": المعن: الماء الظاهر، ومعن الماء أساله، وأمعن الماء جرى. والمعنان بالضم: مجاري الماء في الوادي. والمراد: أنها لم تعصر كخمر الدنيا.
﴿لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا﴾؛ أي: لا يحصل لهم صداع بسبب شربها، كما يحدث ذلك في خمر الدنيا. والصداع: هو الداء الذي يأخذ الإنسان في رأسه، والخمر تؤثر فيه. والصدع: شق في الأجسام الصلبة كالزجاج، والحديد، ونحوهما. ومنه استعير الصداع. وهو الانشقاق في الرأس من الوجع. ومنه: الصديع للفجر.
﴿وَلَا يُنْزِفُونَ﴾ من أنزف الشارب إذا نفد عقله أو شرابه. فالنفاد إما للعقل. وهو من عيوب خمر الدنيا. أو للشراب. فإن بنفادهما تختل الصحبة. يقال: نزف الرجل بالبناء للمجهول؛ أي: ذهب عقله سكرًا. ويقال للسكران: نزيف ومنزوف. ونزف الرجل دمًا رعف فخرج دمه كله، كلاهما وارد.
﴿وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠)﴾؛ أي: يختارون، ويرضون. يقال: تخيرت الشىء أخذت خيره. ﴿مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ أصله: يشتهيون بوزن يفتعلون؛ استثقلت الضمة على الياء، فحذفت، فلما سكنت التقى ساكنان، فحذفت الياء لذلك.
﴿وَحُورٌ﴾ جمع حوراء، كحمر جمع حمراء. فمعنى الحور: النساء شديدات البياض؛ أي: بياض أجسادهن. والعين: جمع عيناء. فمعنى العين: شديدات سواد العيون مع سعتها، مثل: أعين الظباء والبقر.
قال الأصمعي: وليس في بني آدم حور عين، وإنما قيل للنساء: حور تشبيهًا بالظباء والبقر، اهـ.
وقوله: ﴿عِينٌ﴾ جمع عيناء، كسرت فاؤه لمناسبة الياء، وإلا فقياسه أن يجمع كما جمعت حمراء. فأصل "عين" عين بضم العين؛ لأنه نظير حمر جمع حمراء، فخفف بإبدال ضمة فائه كسرة لتصح الياء؛ وإنما لم تبدل ياؤه واوًا وكما فعلوا في موقن وموسر. أصلها: ميقن وميسر؛ لأن الجمع أثقل من المفرد، والواو أثقل من الياء. فيجتمع حيئذٍ ثقلان. قال في الخلاصة:

وَيُكْسَرُ الْمَضْمُوْمُ فِيْ جَمْعٍ كَمَا يُقَالُ هِيْمٌ عِنْدَ جَمْعِ أَهْيَمَا
﴿الْمَكْنُونِ﴾؛ أي: المصون الذي لم تمسه الأيدي. وهو أصفى، وأبعد من


الصفحة التالية
Icon