والإقراض حقيقة: إعطاء العين على وجه يطلب بدله. و ﴿قَرْضًا حَسَنًا﴾ مفعول مطلق له بمعنى إقراضًا حسنًا. وهو الإخلاص في الإنفاق؛ أي؛ الإعطاء لله، وتحري أكرم المال، وأفضل الجهات.
والمعنى: من ذا الذي ينفق ماله في سبيل الله رجاء أن يعوضه. فإنه كمن يقرضه. وقال في "كشف الأسرار": كل من قدم عملًا صالحًا يستحق به مثوبة، فقد أقرض، ومنه قولهم: الأيادي قروض، وكذلك كل من قدم عملًا سيئًا يستوجب به عقوبة فقد أقرض، فلذلك قال تعالى: ﴿قَرْضًا حَسَنًا﴾. لأنّ المعصية قرض سيء. قال أمية:
لَا تَخْلُطَنَّ خَبِيثَاتٍ بِطَيِّبَةٍ | وَاخْلَعْ ثِيَابَكَ منها وَانْجُ عُرْيَانَا |
كُلُّ امْرِىءٍ سَوْفَ يُجْزى قَرْضَه حَسَنًا | أَوْ سَيِّئًا وَيُدَانُ مِثْلَ مَا دَانَا |
والمعنى: من ذا الذي يقرض الله مالًا حسنًا؛ أي: حلالًا طيبًا. فإنه تعالى لا يقبل إلا الحلال الطيب.
فائدة: قال بعض العلماء: لا يكون القرض حسنًا حتى يجمع أوصافًا عشرة: وهو أن يكون المال من الحلال؛ وأن يكون من أجود المال، وأن تتصدق به وأنت محتاج إليه، وأنت تصرف صدقتك إلى الأحوج إليها، وأن تكتم الصدقة ما أمكنك، وأن لا تتبعها بالمن والأذى، وأن تقصد بها وجه الله تعالى ولا ترائي بها الناس، وأن تستحقر ما تعطي وإن كان كثيرًا، وأن يكون من أحب أموالك إليك، وأن لا ترى عز نفسك وذل الفقير. فهذه عشرة خصال، إذا اجتمعت في الصدقة كانت قرضًا حسنًا، انتهى ذكره في "الفتوحات" نقلًا عن القرطبي. وقيل: القرض الحسن هو الخالص عن شوائب الرياء. أما القرض الذي يدفع إلى الإنسان من المال بشرط بدله فهو سنة مؤكدة. قد يجب للمضطر، ويحرم على من يستعين به على معصية.
﴿فَيُضَاعِفَهُ لَهُ﴾ بالنصب على جواب الاستفهام باعتبار المعنى. كأنّه قيل: