إلا الله تعالى. وقيل: معناه: والبحر المحبوس ماؤه من أن يفيض فيغرق جميع ما في الأرض من حيوان ونبات. وقيل: المسجور بمعنى الموقد من السجر. وهو إيقاد النار في التنور، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (٦)﴾. وقد روي: أنّ البحار تسجر يوم القيامة، فتكون نارًا. وهذا على أن يكون البحر بحر الدنيا وبحر الأرض. وقال عليّ رضي الله عنه، وعكرمة: هو بحر تحت العرش عمقه كما بين سبع سموات إلى سبع أرضين، ماء غليظ، يقال له: بحر الحيوان. وهو بحر مكفوف، أي: عن السيلان، يمطر منه على الموتى ماء كالمني بعد النفخة الأولى أربعين صباحًا، فينبتون في قبورهم.
٧ - ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧)﴾، أي: لنازل حتمًا. وهو جواب القسم. قال في "فتح الرحمن": المراد: عذاب الآخرة للكفّار، لا العذاب الدنيوي؛ أي: كائن لا محالة لمن يستحقه.
٨ - ﴿مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨)﴾ يدفعه، ويرده عن أهل النار. وهو كقوله تعالى: ﴿لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ﴾. وهذه الجملة خبر ثان لـ ﴿إن﴾، أو صفة لواقع. و"من" مزيدة للتأكيد. والفرق بين الدفع والرفع: أن الدفع بالدال يستعمل قبل الوقوع، والرفع بالراء يستعمل بعد الوقوع. ووجه تخصيص هذه الأمور بالأقسام بها لما أنها من أمور عظام تنبىء عن عظم قدرة الله تعالى وكمال علمه، وحكمته الدالة على إحاطته بتفاصيل أعمال العباد، وضبطها الشاهدة بصدق أخباره الذي من جملتها الجملة المقسم عليها.
والمعنى: أي أقسم لك يا محمد بهذا الجبل العظيم الشأن، الذي كلمت فوقه موسى، وأنزلت عليه التوراة التي كتبت بنظام بديع مرتب الحروف في رق منشور، سهل على كل أحد أن يطلع على ما فيها من حكم وأحكام وآداب وأخلاق، وبالكعبة التي يعمرها عشرات الآلاف الذين يهرعون لها كل عام من أرجاء المعمورة، وينسلون إليها من كل حدب كما يعمرها المجاورون لا تبركًا بالعبادة فيها، وطلبًا لقبولها عند ربهم، والسقف المرفوع، أي: بالعالم العلوي، وما حوى من شموس، وأقمار، وكواكب ثاتبة، وسيارت، وما فيه من عرشه، وكرسيه، وملائكته الذين لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون. وبالبحر المحبوس من أن يفيض ماؤه فيغرق جميع ما على الأرض، ولا يبقى ولا يذر من حيوان ونبات، فيفسد نظام العالم، وتعدم الحكمة الذي لأجلها خلق. وقد يكون المعنى: